تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ودليله أن خيبر كان يسكنها اليهود ولما فتحها النبي صلى الله عليه وسلم عام 7 هـ أقرهم فيها ليقوموا على زراعتها (حديث 4248 بالبخاري) وبعث عليهم أميراً من الأنصار (حديث 4246 بالبخاري)، فكان معظم أهلها اليهود ــ حتى أجلاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته ــ ولم يمنع هذا من كون خيبر من دار الإسلام لكونها في قبضة المسلمين تجري فيها أحكامهم. وفي هذا قال ابن حزم (وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا بريء من كل مسلم أقام بين أظهر المشركين» يبيّن ما قلناه، وأنه عليه السلام إنما عَنَى بذلك دار الحرب، وإلا فقد استعمل عليه السلام عماله على خيبر وهم كلهم يهود، وإذا كان أهل الذمة في مدائنهم لايمازجهم غيرهم فلا يُسمى الساكن فيهم لإمارة عليهم أو لتجارة بينهم كافراً ولا مسيئاً، بل هو مسلم مُحسن ودارهم دار إسلام لا دار شرك، لأن الدار إنما تنسب للغالب عليها والحاكم فيها والمالك لها) (المحلى) 11/ 200. وقال أبو القاسم الرافعي الشافعي (وليس من شرط دار الإسلام أن يكون فيها مسلمون بل يكتفى كونها في يد الإمام وإسلامه) (فتح العزيز شرح الوجيز) للرافعي،

8/ 14.

2 ــ ولا دخل لظهور شعائر الإسلام أو الكفر في الحكم على الدار.

فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُظهر الدين بمكة ويدعو إليه ويجاهر المشركين بالعداوة والبراءة منهم ومما يعبدون من دون الله، وهذا قبل الهجرة من مكة، وكذلك كان بعض الصحابة يُظهرون الصلاة وتلاوة القرآن، ولم تصبح مكة دار إسلام بهذا بل هاجر المسلمون منها إذ كانت الغلبة فيها للكفار، وهذا مما يبين خطأ الماوردي رحمه الله في قوله (إذا قدر على إظهار الدين في بلد من بلاد الكفر فقد صارت البلد به دار إسلام، فالإقامة فيها أفضل من الرحلة منها لما يُترجى من دخول غيره في الإسلام) (فتح الباري) 7/ 229. ونقل الشوكاني هذا القول وانتقده فقال (ولايخفى مافي هذا الرأي من المصادمة لأحاديث الباب القاضية بتحريم الإقامة في دار الكفر) (نيل الأوطار) 8/ 178.

والعكس صحيح فإقامة بعض الكفار ــ كأهل الذمة ــ بدار الإسلام وإظهارهم شعائر دينهم لايجعلها دار كفر، إذ إن ظهور شعائر الكفر ليس بشوكة الكفار بل بإذن المسلمين.

فلا دخل لإظهار الشعائر في الحكم على الدار، كما قال الشوكاني: (الاعتبار بظهور الكلمة، فإن كانت الأوامر والنَّواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لايستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذونا له بذلك من أهل الإسلام فهذه دار إسلام، ولايضر ظهور الخِصال الكفرية فيها لأنها لم تظهر بقوة الكفار، ولا بِصَوْلتهم كما هو مشاهد في أهل الذمة من اليهود والنصارى والمعاهدين السَّاكنين في المدائن الإسلامية، وإذا كان الأمر بالعكس، فالدار بالعكس.) (السيل الجرار) 4/ 575.

3 ــ ولا دخل لأَمْن فريق من السكان في الحكم على الدار.

فالكفار الذميون يأمنون في دار الإسلام ولايُخل هذا بكونها دار إسلام، والمسلمون المهاجرون أمِنوا بالحبشة وكانت دار كفر، وأمِنَ المسلمون على أنفسهم بمكة مدة عهدهم مع النبي صلى الله عليه وسلم (من صلح الحديبية حتى فتح مكة) حتى أدوا عمرة القضاء خلالها ولم يمنع هذا الأمن من كون مكة ظلت دار كفر حتى فتحها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لاهجرة بعد الفتح). ولم يقل لاهجرة بعد الصلح، فبيَّن أن المناط الذي غيَّر حكم الدار هو الغلبة لا مجرد الأمن.

هذا ما يتعلق بتنقيح المناط ومعرفة مناط الحكم على الدار. ومنه تعلم أن البلاد التي أكثر أهلها من المسلمين ولكن يحكمها حكام مرتدون بأحكام الكفار بالقوانين الوضعية هى اليوم ديار كفر وإن كان أكثر أهلها مسلمين يمارسون شعائر دينهم كإقامة الجمع والجماعات وغيرها في أمان، فهى ديار كفر لأن الغلبة والأحكام فيها للكفار، أما اظهار المسلمين لشعائر دينهم فليس هذا راجعا إلى شوكة المسلمين ولكن لأنه مأذون فيه من الحاكم الكافر، ولو أراد أن يبدل أمنهم خوفاً وفتنة بشوكته وجنوده لفعل كما هو واقع في كثير من البلاد اليوم باسم محاربة الإرهاب والتطرف الديني.

(فائدة) الأقسام الفرعية لدار الكفر.

تنقسم دار الكفر إلى عدة أقسام بأكثر من اعتبار، والإسم الجامع لها هو دار الكفر أو دار الشرك. وأقسامها هى:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير