وقال ابن خزيمة في كتابه "التوحيد وإثبات صفات الرب": (فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز واليمن والعراق والشام ومصر مذهبنا: أن نثبت لله ما أثبته الله لنفسه نقر بذلك بألسنتنا ونصدق بذلك في قلوبنا من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين وعز ربنا أن نشبهه بالمخلوقين، وجل ربنا عن مقالة العاطلين وعز أن يكون كما قال المبطلون) "7" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1070119#_ftn7).
قال ابن قدامة المقدسي: (وعلى هذا درج السلف والخلف رضي الله عنهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم والإهتداء بمنارهم وحذرنا المحدثات وأخبرنا أنها ضلالات) "8" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1070119#_ftn8).
فهذه نصوص من أقوال السلف الصالح في وصف عقائد أصحاب الملة الصحيحة واضحة جلية في أن عقائد السلف هي ما اجتمع فيها:
1) تنزيه الله عن مشابهة الخلق في صفاته وأفعاله وذاته.
2) الإيمان بالصفات الثابتة بالكتاب والسنة وعدم التعرض لنفيها وعدم التهجم على الله بنفي ما أثبته لنفسه.
3) صفات الله مقطوع الطمع بإدراك كيفيتها "9" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1070119#_ftn9).
إذاً فعقيدة السلف رضي الله عنهم:
إثبات ما أثبته الله لنفسه من غير تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه.
وأنه من قال بالتأويل والتعطيل فهو جهمي معاند.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فقول ربيعة ومالك: "الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب"؛ موافق لقول الباقين أمروها كما جاءت بلا كيف فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف فإن الاستواء حينئذٍ لا يكون معلوماً؛ بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم، وأيضاً فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم من اللفظ معنى وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبت في الصفات، وأيضاً فإن من ينفي الصفات مطلقاً لا يحتاج أن يقول بلا كيف فمن قال: إن الله ليس على العرش لا يحتاج أن يقول بلا كيف فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا بلا كيف وأيضاً فقولهم: أمروها كما جاءت يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظاً دالة على معاني، فلو كانت دلالتها منفية لكان الواجب أن يقال أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت ولا يقال حينئذ بلا كيف إذا نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول) "10" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1070119#_ftn10).
فليس مذهب السلف التفويض ولا التأويل إنما هم يثبتون صفات الله عز وجل مع تنزيهه سبحانه وتعالى.
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين: (ظواهر نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار آخر، فباعتبار المعنى هي معلومة، وباعتبار الكيفية التي هي عليها مجهولة.
وقد دل على ذلك السمع والعقل.
أما السمع فمنه قوله تعالى: {كتاب أنزلنه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} وقوله تعالى: {إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون} وقوله جل ذكره: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}.
والتدبر لا يكون إلا فيما يمكن الوصول إلى فهمه ليتذكر الإنسان بما فهمه منه.
وكون القرآن عربياً ليعقله من يفهم العربية يدل على أن معناه معلوم وإلا لما كان الفرق بين أن يكون باللغة العربية أو غيرها.
وبيان النبي صلى الله عليه وسلم القرآن للناس شامل لبيان لفظه ومعناه. وأما العقل فلأن من المحال أن ينزل الله تعالى كتاباً أو يتكلم رسوله صلى الله عليه وسلم بكلام يقصد بهذا الكتاب وهذا الكلام أن يكون هداية للخلق ويبقى في أعظم الأمور وأشدهما ضرورة مجهولة المعنى بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يفهم منها شيء لأن ذلك من السفه الذي تأباه حكمة الله تعالى وقد قال الله تعالى عن كتاب: {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير}
¥