تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قواعد فقه التعامل مع المخالفين]

ـ[أبو الطيب الروبي]ــــــــ[04 - 06 - 09, 12:14 م]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛

وبعد

فهذا تلخيص للبحث القيم الذي جمعه الشيخ الفاضل سليمان الماجد في فقه التعامل مع المخالف، ولأهمية الموضوع رأيت تلخيصه ووضعه ها هنا في حلقات، وأرجو ألا يكون فيه إخلال بكلام الشيخ حفظه الله.

مدخل:

كان من سنن الله تعالى في خلقه أن جعلهم مختلفين في أشياء كثيرة: في ألسنتهم وألوانهم، وفي طبائعهم وميولهم النفسي والعقلي والعاطفي، وفي آرائهم ونظراتهم في الدين والنفس والمجتمع وما يحيط بهم:

قال تعالى: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) " هود.

والمخالف هو كل من خالفك في أي شيء؛ فهو الوثني والملحد والكتابي والمرتد والمنافق والمبتدع بدعة اعتقادية والمبتدع بدعة عملية، وهو المنازع في المسائل الفقهية القطعية والظنية، وكذلك في المناهج المختلفة، سواء كانت دعوية أو سياسية أو عملية أو في أي صعيد. فكل من لا يرى رأيك أو عملك فهو لك مخالف.

وكل هؤلاء المخالفين ينبغي أن يعاملوا بقواعد العدل التي دلت عليه الشريعة. وإن كان الكلام في أكثره هنا إنما هو على المخالفين من أهل السنة.

الأثر المقصدي والشرعي لفقه الخلاف:

إذا تحقق فقه الخلاف كما أراده الله تعالى فإن لذلك آثاراً عظيمة في النفس والمجتمع؛ فمنها:

تحقيق العبودية لله:

يتحقق بإحياء فقه الخلاف أشرف المعاني، وأجل المقاصد: إنه توحيد الله، وتمام العبودية له جل شأنه في خطرات الإنسان، وتفكيره تجاه الآخرين، وفي تعامله معهم.

يحصل به التمحيص والامتحان:

فالخلاف مضيق لآراء الناس ومواقفهم، وعند المضايق يذهب اللب، وإذا ذهب اللب فلا تسأل عن ضياع حقوق المخالف؛ بل ضياع الحق نفسه في أحيان كثيرة.

فيحصل بفقه الاختلاف صبر النفس على الاستماع إلى الآخرين، وإلى وجهات نظر متعددة؛ فينظر إلى المسائل التي يعرض لها بزوايا مختلفة تكشف له محل الغموض؛ فيحصل من التحقيق، وكثرة الصواب ما لا يخطر له على بال.

تحقيق الألفة، وقطع أسباب الشحناء:

إن العلاقة بالمخالف من الأهمية بمكان؛ لأن اختلال ميزانها يؤدي إلى الاختلاف المذموم المفضي إلى فساد الأحوال في الدين والدنيا.

قال الله عز وجل: "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) " آل عمران.

ولم يشرع النبي صلى الله عليه وسلم في بناء المجتمع والدولة ـ بعد هجرته ودخوله المدينة ـ إلا بعد أن آخى بين المهاجرين والأنصار.

وحين ضاع فقه الاختلاف نهاية القرن الثالث ظهرت آثار مدمرة من الشحناء والعداوات انقشعت أغبرتها على ضياع المصالح، وتسلط الأعداء، وكان من أبرز مظاهر هذه العصور الضعف السياسي والاقتصادي والعلمي والعسكري

تحقيق المقاصد في شمول وإتقان:

فإن تضييع فقه الاختلاف ينتج عزلاً لأهل المنهج الحق وتناقصاً في قوة نفوذهم وسلطانهم.

وهذه أهم قواعد التعامل مع المخالفين:

أولا: قواعد عمل القلب:

1 - الخشية:

وكان من أعظم صفات العلماء هي الخشية والعمل المخلَص، قال جل شأنه: "إنما يخشى الله من عباده العلماء" وقال الله تعالى: "أمن هو قانت آناء الليل يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب".

وزوال الخشية أو نقصها فهي من أعظم أسباب العدوان على المخالفين وبخسهم حقوقهم؛ حيث يحل محلها الهوى.

فليست أزمة قبول الحق والإذعان له أزمة علمية، أو معضلة في البحث والتحقيق، ولكن الأزمة الكبرى هي في التجرد من الهوى، والمؤثرات المتعلقة به.

وهوى الإنسان يكون في نفسه وفي والده وولده، وفي منصبه وجاهه، وفي ماله ووطنه وعشيرته، وما يراه وفاء لشيخه، أو رعاية لتلاميذه وأتباعه ومحبيه أن يقول أو يفعل ما يخذلهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير