[حسن الخلق وأهميته لطالب العلم ((لسماحة الشيخ إبن عثيمين رحمه الله))]
ـ[عبد الله الأثري الجزائري]ــــــــ[24 - 06 - 09, 06:49 م]ـ
http://www.ansaaar.com/eb3ab59bea.gif
*(( حسن الخلق وأهميته لطالب العلم)) *
لسماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله تعالى بالهدى، ودين الحق ليظهره على الدين كله، بعثه الله تعالى بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، ووفق الله من شاء من عباده فاستجاب لدعوته، واهتدى بهديه، وخذل الله بحكمته من شاء من عباده فاستكبر عن طاعته، وكذب خبره، وعاند أمره، فباء بالخسران والضلال البعيد.
أيها الإخوة، يطيب لي أن أتحدث إليكم عن الخُلق الحسن، والخُلق كما يقول أهل العلم: هو صورة الإنسان الباطنة، لأن للإنسان صورتين: صورة ظاهرة، وهي خلقته التي جعل الله البدن عليها.
وكما نعلم جميعا أن هذه الصورة الظاهرة منها ما هو جميل حسن، ومنها ما هو قبيح سيئ، ومنها ما بين ذلك.
وصورة باطنة منها صورة حسنة ومنها صورة سيئة، ومنها ما بين ذلك، وهذا ما يعبر عنه بالخُلق.
فالخلق إذن هو:
((الصورة الباطنة التي طُبع الإنسان عليها))،
وكما يكون الخلق طبيعة فإنه يكون كسبا، بمعنى أن الإنسان كما يكون مطبوعا على الخلق الحسن الجميل قد يحصل على الخلق عن طريق الكسب والمرونة – ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم للأشج بن قيس:
[إن فيك لخُلُقين يحبهما الله، الحلم والأناة، قال: يا رسول الله أهما خلقان تخلقت بهما أم جبلني الله عليهما، قال: بل جبلكم الله عليهما] أخرجه مسلم.
فهذا دليل على أن الأخلاق الفاضلة تكون طبعا وتكون تطبعا، ولكن الطبع بلا شك أحسن من التطبع، لأن الخلق إذا كان طبيعيا صار سجية للإنسان وطبيعة له لا يحتاج في ممارسته الى التكلف، ولا يحتاج في ممارسته الى التصنع، ولكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء، ومن حرم هذا "أي من حرم الخلق على سبيل الطبع فإنه يمكنه أن يناله على سبيل التطبع وذلك بالمرونة والممارسة كما سنذكره إن شاء الله تعالى.
وكثير من الناس يذهب ظنه الى ان حسن الخلق لا يكون إلا في معاملة الخَلق، دون معاملة الخالق. ولكن هذا فهم قاصر فإن حسن الخلق كما يكون في المعاملة مع الخلق يكون في معاملة الخالق. فموضوع حسن الخلق إذن معاملة الخالق جل وعلا. ومعاملة الخلق أيضا 0
فما هو حسن الخلق في معاملة الخالق؟
حسن الخلق في معاملة الخالق يجمع ثلاثة أمور:
1_ تلقي اخبار الله تعالى بالتصديق.
2_ تلقي احكامه بالتنفيذ والتطبيق.
3_ تلقي اقداره بالصبروالرضى.
فهذه ثلاثة اشياء عليها مدار حسن الخلق مع الله عز وجل.
اولا: تلقي أخباره بالتصديق:
بحيث لا يقع عند الانسان شك او تردد في تصديق خبر الله تعالى لان خبرالله سبحانه وتعالى صادر عن علم وهو اصدق القائلين كما قال تعالى عن نفسه:
{ومن أصدق من الله حديثا} (النساء اية:87).
ولازم تصديق أخبار الله ان يكون الانسان واثقا بها مدافعا عنها مجاهدا بها بحيث لايدخله شك او تشكيك في اخبار الله تعالى وأخبار رسوله_ صلى الله عليه وسلم_ واذا تخلق بهذا الخلق امكنه ان يدفع كل شبهة يوردها المغرضون على أخبار رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ سواء أكانوا من المسلمين الذين ابتدعوا في دين الله ما ليس منه ام كانوا من غير المسلمين الذين يلقون الشبهة في قلوب المسلمين ولنضرب لذلك مثلا: ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي _صلى الله عليه وسلم _ قال:
"اذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فان في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء "
هذا خبر رسول الله_ صلى الله عليه وسلم. وهو صلى الله عليه وسلم في أمور الغيب لا ينطق عن الهوى الا بما أوحى الله إليه، لانه بشر والبشر لا يعلم الغيب بل قد قال الله له:
¥