للتدليل على أهميتها، مجادلاً بذلك القرائين الذين يرفضونها من أساسها. والمقصود "باللفظة المفردة" الكلمة التي وردت مرة واحدة في نص العهد القديم والذي لا يعرف معناها على وجه الضبط، وتسمى في أدبيات الكتاب المقدس hapax legomenon [5] وفي الأدبيات اليهودية "بالكلمة اليتيمة". [6]
يبدأ الكتاب بالمقدمة التالية:
"كتاب السبعين لفظة [المفردة] من مفردات القرآن [7] وشرحه من تخصيص المشناة بدلائلها مما استخرج ذلك ????? ?????? سعادياهو جاؤون بن ??? ???? يوسف:
قال جامعه بما أن الاستشهاد فيما بين من يدلّ ويستدلّ إنما هو بما ظهر على ما خفي كذلك البرهان أيضاً إنما يكون بينهما مما يقران على ما يختلفان فيه وكما أنه قد يدل المقيس للدليل بخفي على خفي وخفي على خفي [كذا] بعد أن ينتهي آخر قوله إلى ظاهر كذلك يجوز أن يدلّ بما هما مختلفان فيه بعد أن تنتهي الحجة إلى ما هما متفقين [كذا] عليه. وإني رأيت قوماً من العبرانيين [8] يجحدون ما نقل عن الأنبياء من الشرائع التي هي غير مكتوبة [9] وكذلك يجحدون بعضهم [كذا] ما سمعوا من اللغة من كلام الأمة ولم يجدوه في الكتاب ... ".
مثال من كتاب "السبعين لفظة المفردة":
"وقول حبقوق في ملك [بابل ونظرائه] ?? ??? ???? ???? ????? ??? ?????. تفسير ????? الآجر كما وجدنا في المشناة حين وصفوا ما يبنيه الشريكان [المشركون؟] ???? ????? ????? ???? ???? ?????? [أي] آجر. ومعنى ذلك يقول النبي ظن في نفسه أنه يتخلص من عقاب الله ... ".
فكلمة ???? (سفر حبقوق، 11:2) وردت مرة واحدة فقط في كتاب العهد القديم، ومعناها مجهول فيه حتى اليوم، ففسرها سعاديا من المشناة حيث تعني فيها "الآجر". وترجمها بالآجر في ترجمته العربية. وترجمت هذه اللفظة المفردة في الترجمة العربية الكاثوليكية بالجائز ... ، فترجمت الآية كما يلي: "فالحَجَرُ يَصرخُ من الحائِط والجائِزُ يُجِيبُ من الخَشب". أما في الترجمة العربية البروتستانتية فنقرأ: "لأن الحَجَرَ يَصرخُ من الحائِط فيُجِيبُهُ الجائِزُ من الخَشب". ولا شك في أنه يجوز لنا اعتبار هذه "الجائز" العربية من "الألفاظ المفردة" لأن معناها في العربية لا يقل غموضاً عن معناها في العبرية!
المصدر:
سعاديا بن يوسف الفيومي، كتاب السبعين لفظة المفردة. الكتاب مطبوع باللغة العربية بأحرف عبرية ضمن مجموعة من الكتب التي نشرت في ذكرى رحيل المسشترق اليهودي إسحاق يهودا جولدزيهر، ظهرت بالعنوان التالي: ??? ????? ????? ???? ????? ????????. ??????? ???”?.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواشي
[1] انظر كتاب الأنوار والمراقب لأبي يعقوب إسحاق القرقساني. المجلد 1، الصفحة 13. نيويورك، 1939. والقرقساني واحد من أهم متكلمي الفرقة القرائية.
[2] كل المعلومات الواردة في هذا المقال بخصوص القرائين اليهود مأخوذة من الكتابين التاليين: أبو يعقوب إسحاق القرقساني، الأنوار والمراقب. نيويورك، 1939 وإبراهيم بن دواد، ??? ????? (سِيفِر ها قَبلاه)، لندن، 1969.
[3] تآمر اليهود على عنان وشكوه إلى الخليفة الذي أودعه السجن بتهمة الهرطقة. ويقول القرقساني (الأنوار والمراقب، المجلد 1، الصفحة 13) إنه التقى في السجن بالإمام أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه، الذي أشار عليه بلقاء الخليفة أبي جعفر المنصور وشرح معتقده له، وهو ما تم بالفعل حسب رواية القرقساني فعفا المنصور عنه وأطلق سراحه. وتعرف فرقته في المصادر الإسلامية باسم "العنانية".
[4] انظر التعريف بكتاب "بستان العقول" لنتانئيل بن الفيومي على هذا الرابط، وانظر المقدمة وقارنها بكتابات المعتزلة. ونتانئيل الفيومي هذا من فرقة القرائين اليهود.
[5] من اليونانية ومعناها: "اللفظة الواردة مرة واحدة"، أي "اللفظة المفردة".
[6] في العبرية: ??? ?? ?? ?? ?? "الكلمة التي ليس لها أب أو أم". انظر كتاب: Leo Prijs, Die Grammatikalische Terminologie des Abraham Ibn Ezra. Basel, 1950. صفحة 24.
[7] أي كتاب التوراة وكتب العهد القديم. فقد بلغ تأثير الحضارة الإسلامية في اليهود أن استعاروا الألفاظ الإسلامية القحة للدلالة على مسميات بعينها من الشريعة اليهودية كالفقه "للتلمود" والسنة "للمشناة" الخ. ويسمي سعاديا العهد القديم في كتابه هذا بالقرآن وبالكتاب أيضاً. وترجم اليهود فيما بعد اسم "القرآن" إلى العبرية هكذا ???? "مِقرَأ" وهو اسم الآلة من الفعل /قرأ/ الذي يعني "التلاوة" في العبرية.
[8] يقصد فرقة القرائيين.
[9] يقصد كتاب المشناة.
ـ[أبو سارة]ــــــــ[02 - 10 - 2006, 03:36 ص]ـ
موضوع ماتع وفريد ويستحق القراءة رغم أني لم أكمل قراءته إلى الآن.
شكرا لك
ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[03 - 10 - 2006, 12:51 ص]ـ
شكر الله لك أخي الأستاذ أبا سارة. حياك الله.
عبدالرحمن.
¥