تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)} , يعني أحذروا يا أمة محمد هذا أيضا قد أنزل عليكم فإياكم أن تتولوا مثل ما تولوا وتعرضوا كما أعرضوا فيصيبكم ما أصابهم , فحري بنا نحن؛ ونحن نقرأ القرآن أن ننظر لوصايا الرب - سبحانه وتعالى - للأمم السابقة ثم نحصيها وننظر فيها لأنه في الغالب مثل هذه الوصايا أمر مشترك.

الدكتور مساعد الطيار: هناك أيضا من الفوائد في بني إسرائيل ما ينبغي أن ننتبه له: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)} لماذا اثنا عشرة عينا ألا تكفيهم عين واحدة؟ لا شك أن هذا يرتبط بطريقة عيش بني إسرائيل والذين هم أبناء يعقوب- عليه السلام- , وعند تأمل الخطابات القرآنية لهم , تجد مثلا لما ضربموسى عليه السلام البحر لهم: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63)} الشعراء , وكان أيضا اثنا عشرة طريقا , هذا يدعوك للتساؤل , و الذي يظهر؛ أولا: أنه لكل سبط طريقه الذي يخصه , لكن السؤال الثاني لماذا لكل سبط ما يخصه؟ فهناك أشياء من المفترض أن تكون عامة , وأشياء تكون خاصة , كما في الجيوش الإسلامية مثلا , كانت كل قبلية مع بعضها فيكون هناك نوع من الحمية , لكنه في النهاية يختلط الكل , وقد لا تنتبه لهذا إلا عندما يقال أن الميمنة كانوا بني فلان والميسرة كانوا بنوا فلان , والذي يظهر لي -وهي قضية نلاحظها في بني إسرائيل -قضية الافتراق والتنازع , وأن هذه الطريقة كانت بسبب تنازعهم , ومن التنازع لديهم مثلا لما بعث لهم طالوت ملكا قالوا: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)} , مع أنهم في البدء: {إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .. (246)} أي واحد , لكن -سبحان الله -هذا بسبب المنازعة والخصومة , وهذا يشير لهذا المعنى ,و فيه تنبيه لنا كمسلمين أن لا يكون عندنا مثل هذا التفرق.

الدكتور محمد الخضيري: هذه اللطائف وأمثالها لا نستطيع أن نجزم بصدق واحده منها ولا بخطئها فنستفيد منها مدامت في الأصل هي صحيحة , فأنا انظر لهذا التقسيم أنه كان نوع من التنظيم والضبط الإداري بين قبائل وأناس متشاحين إذا جاءهم الخير تزاحم عليه , فجعل الله لهم هذا حتى لا يختلفوا , ويكون هذا قدوة للبشر, فنضبط دوما أمورنا ونوزع المهام وندير الأمور إدارة جيدة ,فمثلا لو تقرأ في قصة سليمان- عليه السلام- وإدارته لمملكته تجد غاية الضبط , يوسف -عليه السلام -تجد طريقته في توزيع الأموال على الناس في غاية الدقة و الإحكام؛حتى وصف نفسه بقوله إني عليم حفيظ , لعل هذا ما تشير إليه الآية , ولا نستطيع أن نجزم أن هذا مراد الآية , أو ما ذكره الدكتور مساعد سابقا, فكلاهما لو نظرت إليه تجد أنه صحيح في نفسه ويمكن أن يطبق , ولذلك نقول أن هذه اللطائف لا تتزاحم ما دام أصلها صحيح و دلت الشريعة عليه.

الدكتور مساعد الطيار: الخلاف سيكون في " هل دلت الآية عليه " وهذا ملمح مهم جدا , أود أن ينتبه له من يستنبط , فلا نخالف في أصل القاعدة , ولكن في ربطها بالآية.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: تأييد لقول الدكتور مساعد قول الله تعالى: {وإذ فرقنا ... } فسماها فرق , لكن فكرة التوزيع الذي ذكره الدكتور محمد فكرة سائغة و لا سيما أنه أتى ذكر اثنا عشرة عينا واثنا عشرة طريقا في مقام الامتنان عليهم والتفضيل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير