تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وموقفه من الشيعة الإمامية الإثني عشرية،كموقفه حيال تلك الفرق الباطنية الضالة، حيث يرد تأويلاتهم الخاطئة حين يقول:" وكذا ما يحرف به غلاة الشيعة الكلم عن مواضعه في نحو) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ((34) فقرأها بعضهم إن علياّ لِلْهدى، وقولهم إن أهل البيت في آية) إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ((35) هم خصوص فاطمة وعلي وحسن وحسين وعباس، وكلمة) واذكرن ما يتلى في بيوتكن ((36) تبطل ما صنعوه،وزعمهم في هذا وأضرابه من الباطنية القاشاني (37) الباطني الشهير الذي ينسب إليه الناس تفسيره اليوم لمحيي الدين ابن عربي." (38)

ويقول عنهم في تفسيره:" وقد تلقف الشيعة حديث الكساء فغصبوا أهل البيت وقصروه عل فاطمة وزوجهما وابنيهما عليهم الرضوان، وزعموا أن أزواج النبي ? لسن من أهل البيت.وهذه مصادمة للقرآن بجعل هذه الآية حشوا بين ما خوطب به أهل النبي. وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف على أهل الكساء إذ ليس في قوله «هؤلاء أهل بيتي» (39) صيغة قصر وهو كقوله تعالى? قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي ? (40) ليس معناه ليس لي ضيف غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عما قبلها ومابعدها. ويظهر أن هذا التوهم من زمن عصر التابعين وأن منشأه قراءة قراءة هذه الآية على الألسن دون اتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها ..... " (41)

وهو في كثير من الأحيان يقتبس من أقوال أبي بكر ابن العربي في عواصمه، وهومن عقد مجالس مناظرات مع بعض الطوائف الباطنية، الإسماعيلية منها على وجه الخصوص. (42)

تكلم ابن عاشور بشيء من التفصيل عند تفسيره لقوله تعالى ? وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ? (43) عن والبهائية،والبابية،وكشف عن عقائدهم الفاسدة، ثم صرح بحكم الإسلام فيهم فقال: " فمن كان من المسلمين متّبعاً للبَهائية أو البابية فهو خارج عن الإِسلام مرتدّ عن دينه تجري عليه أحكام المرتدّ. ولا يرث مسلماً ويرثه جماعة المسلمين ولا ينفعهم قولهم: إنا مسلمون ولا نطقهم بكلمة الشهادة لأنهم يثبتون الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم ولكنهم قالوا بمجيء رسول من بعده. ونحن كفَّرنا الغُرابية من الشيعة لقولهم: بأن جبريل أرسل إلى علي ولكنه شُبّه له محمد بعليّ إذ كان أحدهما أشبه بالآخر من الغراب بالغراب (وكذبوا) فبلغ الرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فهم أثبتوا الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم ولكنهم زعموه غير المعيّن من عند الله." (44)

وتكفير أمثال تلك الفرق التي تفسر القرآن تفسيرا باطنيا، ليس أمرا جديدا، بل سبق إليه الإمام الواحدي (45) المفسر؛ وقد ذكر له ابن الصلاح في إحدى إجاباته أنه قال:" صنف أبو عبد الرحمن السلمي (46) (حقائق التفسير)، فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر، وأنا أقول الظن بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيئا من أمثال ذلك أنه لم يذكر تفسيرا ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسالك الباطنية، وإنما ذلك ذكر منهم لنظير ما ورد به القرآن، فإن النظير يذكر بالنظير .......... ، فيا ليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك لما فيه من الإبهام والالتباس." (47)

وكان الجامع بين علماء أهل السنة بشتى مذاهبهم وطوائفهم من الأشعرية، وأهل الحديث، والمتصوفة، أن التفسير الصوفي أو الإشاري إن لم يعارض الظواهر فهو مقبول وذلك ما أدركه ابن عاشور جيدا، وكذا كثير من العلماء كابن القيم الذي وضع له أربعة " شروط وهي:

1 ـ ألا يناقض معنى الآية.

2 ـ وأن يكون معنى صحيحا في نفسه.

3 ـ وأن يكون في اللفظ إشعار به.

4 ـ وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارنباط وتلازم، لفإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطا حسنا. " (48)

وقد وقف ابن عطاء الله (49) السكندري، مدافعا عن نهج الصوفية في التفسير، يرفع كل لبس قد يعرض لأقوالهم، بعد أن عرض بعض اللطائف الإشارية لشيخه أبي العباس المرسي، قائلا: " وإنما كان يكون إحالة، لو قالوا لا معنى للآية إلا هذا، وهم لم يقولوا ذلك، بل يقرون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها، ويفهمون عن الله ما ألهمهم" (50)

الهوامش:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير