تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال الترمذي في جامعة (باب تعليم السريانية) ثم روى بسنده إلى زيد بن ثابت قال:"أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كلمات من كتاب يهود وقال إني والله ما آمن يهود على كتابي، قال فما مربي نصف شهر حتى تعلمته له، قال فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم"، هذا حديث حسن صحيح.

قال العالم الرباني أستاذي عبد الرحمن بن عبد الرحيم المبار كفوري الهندي رحمه الله رحمة واسعة في شرح هذا الحديث من كتابه. (تحفة الا حوذي في شرح جامع الترمذي ج 3ص392) ما نصه:"قال القاري: قيل فيه دليل على جواز تعلم ما هو حرام في شرعنا للتوقي والحذر عن الوقوع في الشر كذا، ذكره الطيبي في ذيل كلام مظهري وهو غير ظاهر إذ لا يعرف في الشرع تحريم تعلم من اللغات سريانية أو عبرانية هندية أو تركية أو فارسية وقد قال تعالى30ـ32: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ} أي لغاتكم بل هو من جملة المباحات. اهـ.

وهذا الحديث رواه أيضا أحمد وأبو داود والبخاري في تاريخه وذكره في صحيحه تعليقا، ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابي الجليل كاتب الوحي زيد بن ثابت أن يتعلم كتابة اليهود وفي رواية "أمره أن يتعلم السريانية" وعلل ذلك بأنه عليه الصلاة والسلام لا يأمن اليهود أن يقرءوا له كتابا يأتيه منهم لئلا يزيدوا فيه و ينقصوا أو يبدلوا ويغيروا، فتعلم زيد ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم في نصف شهر.وقد يشكل فهم هذا من وجهين:

الأول: أن المعهود من اليهود أن يتكلموا ويكتبوا بالعبرانية لا بالسريانية.

الثاني: كيف يستطيع متعلم أن يتعلم لغة أجنبية في نصف شهر؟ والجواب عن الأول أن اليهود في زمان النبي صلى الله عليه وسلم بل في زمان عيسى بن مريم وقبله بزمن لم يكونوا يتكلمون ويكتبون بالعبرانية لأنها كانت قد انقرضت ولم يبق منها إلا كلمات قليلة تردد في الصلوات، وكان اليهود يكتبون علومهم الدينية والدنيوية ويتخاطبون بالسريانية، وإنما جددوا العبرانية وأحيوها وبذلوا في ذلك جهودا عظيمة في هذا العصر الاخير. والجواب عن الثاني: أن زيدا لم يتعلم اللغة في نصف شهر وإنما تعلم الكتابة والقراءة، أما معاني لغة اليهود فكان يفهمها لأنها كانت لا تزال قريبة جدا من لغة العرب، ولأن قبائل من اليهود كانت مساكنة للأنصار وتعلم اللغات الأجنبية للانتفاع بها في أمور الدين والدنيا أمر محمود إذا لم يكن على حساب لغة القرآن كما يفعل سكان المستعمرات المتهوكون في زمان الاستعمار وبعده فيحقرون لغة القرآن وهي لغة دينهم وتاريخهم ومجدهم ويتعلمون لغة المستعمر ويتطاولون بها ويشمخون بأنوفهم ويتراطنون بها بغير ضرورة ويحتقرون شعوبهم لعدم استعمال تلك اللغة الأجنبية فهؤلاء أعضاء مجذومة في جسم الأمة يجب قطعها وهم يعلمون أن جميع الأمم تحتقرهم لأنه لا يكون لهم فضل بتعلمهم تلك اللغة الأجنبية إلا إذا أتقنوا لغتهم وكانوا أعضاء نافعين في أمتهم، ولكن ..

من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام.

ثم قال السيوطي:"قال ابن جرير: ما ورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ القرآن أنها بالفارسية أو الحبشية أو النبطية أو نحو ذلك إنما اتفق فيها توارد اللغات فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد".اهـ.

قال محمد تقي الدين: ابن جرير إمام المفسرين في زمانه وما بعده وفد أخطأ في هذا الرأي إذ لا يمكن أن تتكلم هذه الشعوب المتباينة في أنسابها ولغتها المتباعدة في أوطانها على سبيل المصادفة والاتفاق وتوارد الخواطر بتلك الكلمات الكثيرة العدد على أن الذين قالوا في القرآن كلمات كانت في الأصل غير عربية ثم صارت بالاستعمال عربية لم يقل أحد منهم أن الكلمة التي أصلها فارسى قد اتفق فيها الفرس مع العرب والنبط والحبشة، بل إذا كانت الكلمة فارسية كالأباريق مثلا لم تكن حبشية ولا نبطية والكلمة التي قيل إنها حبشية (كابلعي) من قوله تعالى: {يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ} لم يقل أحد أنها توافق الفارسية والنبطية .. وهكذا يقال في سائر الكلمات كما سيأتي في ذكر الكلمات التي نسب أصلها إلى غير العربية. ثم قال السيوطي،:"قال غيره بل كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلغتهم بعض مخالطة لسائر الألسنة في أسفارهم فعلقت من لغاتهم ألفاظا غيرت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير