تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بدأت المرحلة الأولى من مراحل الوعد الرباني بانتهاء دولة اليهود]

ـ[رأفت المصري]ــــــــ[13 Feb 2009, 11:38 م]ـ

[بدأت المرحلة الأولى من مراحل الوعد الرباني بانتهاء دولة اليهود]

كتبه رأفت محمد رائف المصري

أستاذ التفسير وعلوم القرآن

اليوم التاسع عشر من أيام العدوان على غزة العزة – فرّج الله كربتها-

قد أخبر الله تعالى في كتابه الكريم عن إفسادي بني إسرائيل وعلوّهم، وقد ذهب المحققون من المفسرين - على خلاف بينهم في التحديد - إلى أن الإفساد الأوّل إنما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حين بعث الله أصحاب نبيّه تحقيقاً للوعد الأوّل الذي توعّدهم الله به إثر إفسادهم الأوّل.

وسورة الإسراء قد بدأت بذكر مسجدين: المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وإفسادا بني إسرائيل أولهما كان في بلاد المسجد الأوّل: جزيرة العرب، والإفساد الثاني في بلاد المسجد الثاني: بيت المقدس.

{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، إنه هو السميع البصير} الإسراء 1

ثم قال سبحانه بعد بضعة آيات: {وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا. فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأسٍ شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا. ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا. إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها، فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوّل مرّة وليتبروا ما علوا تتبيرا.} الإسراء4 - 5

إذاً، فالمذكور في الآيات مسجدان وإفسادان لبني إسرائيل، الإفساد الأول محلّه بلاد المسجد الأول: الجزيرة، والإفساد الثاني محلّه بلاد المسجد الثاني: بيت المقدس.

وإذا كان الإفساد الأول قد مضى وانتهى أمره – على رأي جميع المفسرين على ما أعلم – فلن أطيل الوقوف معه بأكثر من الإلماحة السالفة، ولنتوقف أمام الإفساد الثاني، وهو الذي يهمنا أمره، إذ إنه ما نعايشه اليوم وما نحصد ثمراته المرّة.

ولا أجدني مضطرّا إلى التدليل على أن ما نعايشه اليوم من علوّ وإفساد لبني إسرائيل هو المقصود من النبوءة القرآنية، ويكفي أن نقول: إن التاريخ لم يشهد أبدا علوّا لبني إسرائيل وإفسادا كما هو اليوم؛ الأمر الذي يؤكد بالضرورة كونه أحد الإفسادين المذكورين في آيات الإسراء، وإذا كان الأكثر على أن الأوّل قد حدث وانتهى - وهذا ما أراه؛ فقد تعيّن الثاني.

ولتفصيل هذه الأحوال مقام آخر، أفرده الباحثون والمفسرون بالدراسات الخاصة، وإن تيسّر لي إخراج شيء من ذلك فعلت.

ولا بدّ من الإشارة إلى أن إفسادات بني إسرائيل واقعياً أكثر من أن يعدّها العادّ، إذ إن ذلك أمر ملازم لوجودهم - أنهاه الله بقوته – كما قال سبحانه: {كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا}.

لكن تخصيص هذين الإفسادين بالذكر دليل على عظمهما وتميّزهما من بين إفساداتهم المستمرّة، وهذا يقود إلى ما ذكرنا من أن الواقع التاريخي يقتضي الحكم على أن ما يشهده العالم اليوم منهم – لعنهم الله – هو الإفساد الثاني.

والمراد من هذه العجالة التركيز على خطوات النهاية المحتومة، والملحمة المقدرة على هؤلاء المفسدين.

فلنعد إلى النظر في الآيات: {فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرّة، وليتبّروا ما علوا تتبيرا}.

فالآية تخبر أن إفسادهم الثاني آيل إلى دمار دولتهم تدميرا تامّا، بحيث يمرّ هذا التدمير بمراحل ثلاثة:

المرحلة الأولى: إساءة وجوههم.

المرحلة الثانية: دخول المسجد – وهو الأقصى - وتخليصه من أيديهم، تخليصا شبيهاً بتخليص المسلمين للمسجد أوّل مرّة؛ تخليصاً "نظيفا" من أيدي النصارى في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.

المرحلة الثالثة: تدمير ما تعب اليهود في بنائه، وتسويته بالأرض، والانتهاء من دولتهم إلى الأبد.

مع الإشارة إلى أن لنا معهم جولة أخرى يقودهم فيها الدجال – ولا يكون لهم دولة – تنتهي بالقضاء المبرم عليهم قضاء نهائيا على شكل "الإبادة الجماعية"، وهذا إنما يكون أثناء العلامات الكبرى للقيامة – كما جاء في الأحاديث -.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير