[(وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته)]
ـ[شاكر]ــــــــ[10 Mar 2009, 06:43 ص]ـ
((وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته , فينسخ الله ما يلقي الشيطان , ثم يحكم الله آياته , والله عليم حكيم. ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم , وإن الظالمين لفي شقاق بعيد. وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم , وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم))
لقد رويت في سبب نزول هذه الآيات روايات كثيرة ذكرها كثير من المفسرين.
قال ابن كثير في تفسيره:"ولكنها من طرق كلها مرسلة , ولم أرها مسندة من وجه صحيح. والله أعلم".
وأكثر هذه الروايات تفصيلا رواية ابن أبي حاتم. قال: حدثنا موسى بن أبي موسى الكوفي , حدثنا محمد بن إسحاق الشيبي , حدثنا محمد بن فليح , عن موسى بن عقبة , عن ابن شهاب , قال: أنزلت سورة النجم , وكان المشركون يقولون: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه ولكنه لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر. وكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد اشتد عليه ما ناله وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم , وأحزنه ضلالهم ; فكان يتمنى هداهم. فلما أنزل الله سورة النجم قال: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى؟ ألكم الذكر وله الأنثى؟) ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكر الله الطواغيت فقال: وإنهن لهن الغرانيق العلى , وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى. . وكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته. . فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة , وزلت بها ألسنتهم , وتباشروا بها , وقالوا: إن محمدا قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه. . فلما بلغ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] آخر النجم سجد , وسجد كل من حضره من مسلم أو مشرك. غير أن الوليد بن المغيرة كان رجلا كبيرا فرفع ملء كفه ترابا فسجد عليه. فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود لسجود رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فأما المسلمون فعجبوا لسجود المشركين معهم على غير إيمان ولا يقين.
ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان في مسامع المشركين , فاطمأنت أنفسهم - أي المشركون - لما ألقى الشيطان في أمنية رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وحدثهم به الشيطان أن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] قد قرأها في السورة , فسجدوا لتعظيم آلهتهم. ففشت تلك الكلمة في الناس ; وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة ومن بها من المسلمين: عثمان بن مظعون وأصحابه ; وتحدثوا أن أهل مكة قد أسلموا كلهم , وصلوا مع رسول الله ; وبلغهم سجود الوليد بن المغيرة على التراب على كفه ; وحدثوا أن المسلمين قد أمنوا بمكة , فأقبلوا سراعا , وقد نسخ الله ما ألقى الشيطان , وأحكم الله آياته , وحفظه من الفرية , وقال: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته , فينسخ الله ما يلقي الشيطان. ثم يحكم الله آياته. والله عليم حكيم. ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم. وإن الظالمين لفي شقاق بعيد). . فلما بين الله قضاءه , وبرأه من سجع الشيطان انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم على المسلمين , واشتدوا عليهم". .
قال ابن كثير: وقد ساق البغوي في تفسيره روايات مجموعة من كلام ابن عباس , ومحمد بن كعب القرظي وغيرهما بنحو من ذلك , ثم سأل ها هنا سؤالا: كيف وقع مثل هذا مع العصمة المضمونة من الله تعالى لرسوله - صلوات الله وسلامه عليه - ثم حكى أجوبة عن الناس , من ألطفها أن الشيطان أوقع في مسامع المشركين ذلك. فتوهموا أنه صدر عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وليس كذلك في نفس الأمر , بل إنما كان من صنيع الشيطان لا عن رسول الرحمن [صلى الله عليه وسلم] وعلى آله وسلم - والله أعلم.
وقال البخاري: قال ابن عباس: (في أمنيته) إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه. فيبطل الله ما يلقي الشيطان (ثم يحكم الله آياته).
وقال مجاهد: (إذا تمنى) يعني إذا قال ; ويقال أمنيته: قراءته.
وقال البغوي: وأكثر المفسرين قالوا: معنى قوله: (تمنى) أي تلا وقرأ كتاب الله (ألقى الشيطان في أمنيته) أي في تلاوته.
¥