[نظرة توسطية للاعجاز العددي في القران (مهم)]
ـ[ابوهريرة المكي]ــــــــ[11 Mar 2009, 12:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد
فقد كثر الكلام حول الإعجاز العددي في القران الكريم فأحببت ا ن اطرح رأيا في عجالة سريعة متوسطا بين من تشدد في المنع ومن تساهل في الإثبات وكما قيل:
كلا طرفي قصد الأمور ذميم
والوسط في نظري ـ والعلم عند الله ـ هو الذي تحكمه البحوث المحكمة .. ولا يتسرع في تقرير مالم يتيقن منه .. فالمعلومة غير السديدة والتي لم تبن على دراسة مؤصلة وفق الضوابط العلمية ينتج عنها تشكيك في الحق .. فمتى ماظهر الخطأ وبان العوار نسب ذلك ـ وحاشاه ـ للقران الكريم ولذلك وجب التثبت والتحري والتدقيق قبل اعتماد أي نتيجة قد يظهر بطلانها فتجر سلبا على الحق .. ومن هنا ـ في ظني ـ ظهر الفريق الآخر سادا للذرائع .. فمنع حديث الأعداد .. وتجاهل معاني التكرار ..
فأقول لمن تساهل وأفرط في الأخذ بكل ما هب ودب على غير مستند حقيقي أو اثارة من علم وظنوا صحة كل هذه التكرارات .. ووهموا أن هذا من اعجاز القران ولم يفرقوا بين " اللطيفة " و " الإعجاز "، فتأليف كتابٍ يحتوي على عدد معيَّن من ألفاظٍ معيَّنة أمرٌ يستطيعه كل أحدٍ، فأين الإعجاز في هذا؟ والإعجاز الذي في كتاب الله تعالى ليس هو مثل هذه اللطائف، بل هو أمر أعمق وأجل من هذا بكثير، وهو الذي أعجز فصحاء العرب وبلغاءهم أن يأتوا بمثل القرآن أو بعشر سورٍ مثله أو بسورة واحدة، وليس مثل هذه اللطائف التي يمكن لأي كاتب أن يفعلها – بل وأكثر منها – في كتاب يؤلفه، فلينتبه لهذا.
وليُعلم أنه قد جرَّ هذا الفعل بعض أولئك إلى ما هو أكثر من مجرد الإحصائيات، فراح بعضهم يحدد بتلك الأرقام " زوال دولة إسرائيل " وتعدى آخر إلى " تحديد يوم القيامة "، ومن آخر ما افتروه على كتاب الله تعالى ما نشروه من أن القرآن فيه إشارة إلى " تفجيرات أبراج نيويورك "! من خلال رقم آية التوبة وسورتها وجزئها، وكل ذلك من العبث في كتاب الله تعالى، والذي كان سببه الجهل بحقيقة إعجاز كتاب الله تعالى.
وبالتدقيق في إحصائيات أولئك الذين نشروا تلك الأرقام وُجد أنهم لم يصيبوا في عدِّهم لبعض الألفاظ، ووجدت الانتقائية من بعضهم في عدِّ الكلمة بالطريقة التي يهواها، وكل هذا من أجل أن يصلوا إلى أمرٍ أرادوه وظنوه في كتاب الله تعالى
وبالمقابل أقول لمن تشدد ومنع .. وبالغ وأكثر .. رويدك يا أخي .. اقصر .. فقد حجرت واسعا .. وفي الأمر سعة .. وبالمقام فسحة .. والباب يحتمل .. فهو من زيادة العلم وترفه .. وقد عده ناس من ملح العلم .. ونقل عمن سبق .. واليك طرفا بسيطا من هذا النسق .. قال على بن الحسين في تفسير قوله تعالى " بسم الله الرحمن الرحيم ".
وروى وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله
ابن مسعود قال: من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " ليجعل الله تعالى له بكل حرف منها جنة من كل واحد.
فالبسملة تسعة عشر حرفا على عدد ملائكة أهل النار الذين قال الله فيهم: " عليها تسعة عشر " وهم يقولون في كل أفعالهم: " بسم الله الرحمن الرحيم " فمن هناك هي قوتهم، وببسم الله استضلعوا. قال ابن عطية: ونظير هذا قولهم في ليلة القدر: إنها ليلة سبع وعشرين، مراعاة للفظة " هي " من كلمات سورة " إنا أنزلناه " وقال أبو بكر الوراق: إن الله تعالى قسم ليالي هذا الشهر - شهر رمضان - على كلمات هذه السورة، فلما بلغ السابعة والعشرين أشار إليها فقال: هي وأيضا فإن ليلة القدر كرر ذكرها ثلاث مرات، وهي تسعة أحرف، فتجئ سبعا وعشرين قال ابن عطية: ونظيره أيضا قولهم في عدد الملائكة الذين ابتدروا قول القائل: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فإنها بضعة وثلاثون حرفا، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لقد رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول ".
قال ابن عطية: وهذا من ملح التفسير وليس من متين العلم.
¥