تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وقفات مع كتاب (الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن) للشيخ أحمد القصير]

ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[14 Mar 2009, 12:39 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد

فقد أتحفنا فضيلة الدكتور/ أحمد بن عبد العزيز القصير بكتابه (الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم)، وقد أحسن الشيخ في اختيار الموضوع ومنهج البحث، وجهده واضح في هذا العمل الذي يعد إضافة مهمة للمكتبة القرآنية والحديثية معا.

وقد اقتنيت الكتاب من المعرض وتصفحت المباحث الأولى منه، وبدت لي بعض الوقفات التي أردت أن أبثها في هذا الملتقى القرآني بين أفاضل المتخصصين فيه لا سيما ومنهم أخونا المؤلف وفقه الله وجزاه خيرا.

الوقفة الأولى: تعريف المشكل

ذكر الشيخ ص26 تعريف المشكل اصطلاحا، فقال: " هو كل نص شرعي استغلق وخفي معناه، أو أوهم معارضة نص شرعي آخر، أو أوهم معاني مستحيلة شرعا أو عقلا، أو شرعا وعقلا". وكان ذكر قبله تعريفا مطولا ثم اختصره وخلص إلى المذكور.

وخطر في ذهني بعض الإيرادات حول هذا التعريف، لعل صدر الشيخ يتسع لها، ويفيدنا حولها من خلال معايشته لهذا الموضوع الذي يدور ويحور حول المشكل، وتحرير المصطلحات – كما لا يخفى - مهم جدا، فمن ذلك:

1. أقترح أن تبدل عبارة (أو أوهم معارضة نص شرعي آخر) بعبارة (أو أوهم معارضة دليل شرعي) لأن الدليل أعم من النص، فيدخل فيه الإجماع والقياس وقول الصحابي وغيرها، ويشمل الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها.

2. التعميم في أول التعريف (هو كل نص شرعي .. ) يشمل المقبول والمردود، فيدخل فيه الضعيف والموضوع لأنها نصوص منسوبة إلى الشارع، وبناء عليه ترد مئات الأحاديث المشكلة، وفي هذا الإطلاق نظر. فأقترح أن يقيد المشكل بالمقبول، أما المردود فلا يشكل ولا يشوش به على نصوص الشريعة لسقوطه، ونصب الإشكال بهذه الواهيات صرف للأوقات في غير ما يفيد، فلا داعي أن يثار الإشكال في نصوص الشريعة بناء على حديث ضعيف فضلا عن الموضوع.

3. قد يكون الإشكال بسبب تعارض النص مع قاعدة تاريخية أو لغوية، ولم يرد في التعريف ما يشير إلى ذلك، فلو أضيف إليه (أو أوهم تعارضه مع قاعدة ثابتة).

4. عبارة (أو أوهم معاني مستحيلة شرعا أو عقلا، أو شرعا وعقلا) يمكن اختصارها فيقال: شرعا وعقلا أو أحدهما.

5. كلمة (استغلق) في أول التعريف (استغلق وخفي معناه)؛ يمكن الاستغناء عنها لدلالة ما بعدها عليها، والمطلوب في الحدود أن تصاغ بأخصر ما يمكن.

الوقفة الثانية:

ذكر الشيخ ص44 أن الأحاديث المشكلة قسيمة للأحاديث المعلة، وفرق بينهما أن الأول يتعلق بالمتون والثاني يتعلق بالأسانيد.

وهذا غريب، والتفريق المذكور غير صحيح، فإن إعلال الأحاديث له تعلق وثيق بالمتون، ومنهج المحدثين معروف في هذا، وهناك أمثلة لكبار أئمة الحديث في إعلال أحاديث من جهة متونها.

وقصر نقد الحديث على جهة الأسانيد قول المستشرقين الذين أجلبوا به على المحدثين للنيل منهم، وكتبت ردود كثيرة في هذا منها رسالة الدكتوراه (اهتمام المحدثين بنقد الحديث سندا ومتنا ودحض مزاعم المستشرقين وأتباعهم) للدكتور/ محمد لقمان السلفي.

كما لم يظهر لي وجه جعل الأحاديث المشكلة قسيمة للأحاديث المعلة، فتأمل.

الوقفة الثالثة:

ذكر المؤلف ص48 - 55 إحصائيات نفيسة في جداول مرتبة لأحاديث التفسير المشكلة في كتب أهل العلم باختلاف الفنون، وهذا العمل من مميزات البحث ودرره، لكن لم يذكر الباحث كيف وصل إلى ذلك، وما هي الآلية في جمع تلك الأحاديث؟ هل قام بجرد هذه الكتب كلها؟ أم باستعراض الفهارس؟ أم النظر في المظان؟ أم بالبحث الإليكتروني؟.

وليته أيضا ذكر مواضع تلك الأحاديث المشكلة في تلك الكتب لتحصل الفائدة للقارئ وليس في ذلك إطالة، أما الاكتفاء بما ذكر فليس فيه كبير فائدة، فحينما يقرأ القارئ أن في كتاب التمهيد لابن عبد البر عشرة أحاديث مشكلة في التفسير، فما الفائدة إذا لم يطلع على أطرافها أو على الأقل مواضعها في الكتاب.

الوقفة الرابعة: الفهارس

على الرغم من أن البحث قرآني حديثي فقد خلا الكتاب من فهرس الآيات والأحاديث، وهذا غريب.

ولست أعني بفهرس الآيات: الآيات الواردة في البحث فهذا طويل قليل الفائدة، ولكن فهرس الآيات التي وقع عليها إشكال مرتبة على سور القرآن.

وهذان الفهرسان لن يطيلا من حجم الكتاب لأهميتهما، بل لو حصلت المشاحة فهما أولى من فهرس المراجع الذي أخذ أكثر من 45 صفحة.

الوقفة الخامسة: هاروت وماروت

تعد هذه القصة من المواضع المشكلة فعلا من جهة الرواية والدراية، وكنت راجعت قبل مدة بعض كتب التفسير والحديث في المسألة وانزاح بعض ذلك وبقيت بقية، فلما استعرضت فهرس هذا الكتاب وجدت المؤلف أفردها بمسألة ففرحت وبادرت بمراجعتها، ووجدت أننا اتفقنا في النتيجة في حل الإشكال في حديث ابن عمر.

لكن محل الإشكال الذي كان عندي في أثر علي رضي الله عنه قال: كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس، وإنها خاصمت إلى الملكين هاروت وماروت، فراوداها عن نفسها، فأبت عليهما؛ إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تكلم به يعرج به إلى السماء، فعلماها، فعرجت إلى السماء، فمسخت كوكبا. أخرجه الطبري وصححه الحاكم في (المستدرك) 2: 265 على شرط الشيخين.

وقال عنه الحافظ ابن حجر في (العجاب) 1: 322: "هذا سند صحيح، وحكمه أن يكون مرفوعاً؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، وما كان علي رضي الله عنه يأخذ عن أهل الكتاب".

ووجدت المؤلف ذكر الأثر ونقل كلام ابن حجر بنصه من العجاب، لكن لم يذكر جوابا عنه يحل الإشكال.

وقد اجتهدت في تخريج هذا الإشكال، ولعلي أطرح الموضوع في مشاركة مفردة إن شاء الله.

أسأل الله أن يجزي الشيخ أحمد على هذا العمل العلمي المتميز، وأن يضاعف أجره ومثوبته، وأن ينفع به، وأن تكون هذه بداية خير وبركة.

والسلام عليكم ورحمة الله،،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير