[منهج السلف الصالح في التعامل مع القرآن]
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[19 Feb 2009, 02:42 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين
وبعد ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثنى الله في كتابه القرآن الكريم على المؤمنين من عباده،
وبين أنهم يتأثرون بالقرآن، فتقشعر منه أبدانهم، وتهفو إليه نفوسهم، ويزدادون به إيماناً على إيمانهم.
يقول الله تعالى:
"الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله"
[سورة الزمر آية 23].
ويقول جل وعلا:
"وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم"
[سورة الحج آية 54].
وقال تبارك وتعالى:
"إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً .. "
[سورة الأنفال آية 2].
وقد تكرر هذا المعنى في القرآن كثيراً.
[سورة التوبة 124، والإسراء 82، وفصلت 44 وغير ذلك].
2 - وانطلاقاً من هذا المعنى الذي أشارت إليه الآيات الكريمات رأينا سلف الأمة الصالح رضوان الله عليهم يضربون لنا أروع الأمثلة في الارتباط بكتاب الله تعالى من جميع الوجوه: دعوة إليه، وتلاوة له، وتدبراً لآياته، وعملاً بأحكامه.
يقول الإمام الحسن البصري رحمه الله في شأن القرآن، وكيف تعامل السابقون معه:
"إن من كان قبلكم رآه (أي القرآن) رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل، وينفذونها بالنهار"
[إحياء علوم الدين ج2 ص 498].
وحتى يتضح المقال السابق أسوق بعضاً من أقوالهم وأحوالهم في هذا الشأن.
(1) ففيما يتعلق بدعوتهم إلى حب كتاب الله والتمسك به وردت هذه الأقوال:
يقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
"من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله عز وجل فليعرض نفسه على القرآن، فإنما القرآن كلام الله عز وجل، فمن أحب القرآن فهو يحب الله عز وجل"
[استنشاق نسيم الأنس من نفحات الرياض القدس ص 40 ابن رجب].
وورد أيضاً عنه قوله: "لا يسأل أحدكم عن نفسه إلا القرآن، فإن كان يحب القرآن ويعجبه فهو يحب الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله سبحانه ورسوله"
[إحياء علوم الدين ج3 ص 496 أبو حامد الغزالي].
وقال سفيان بن عيينة رضي الله عنه: "لا تبلغون ذروة هذا الأمر حتى لا يكون شيء أحب إليكم من الله عز وجل، فمن أحب القرآن فقد أحب الله عز وجل"
[استنشاق نسيم الأنس ص 40 ابن رجب].
3 - وفيما يتعلق بحرصهم على قراءة القرآن وإدامة تلاوته نورد هذه الأدلة:
I- يقول أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: "لو طهرت قلوبنا لم تشبع من قراءة القرآن"
[إحياء علوم الدين ج 3 ص 520].
Ii- وأثر عن الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قوله: "إني لأستحي الا أنظر كل يوم في عهد ربي مرة"
[تفسير القرطبي ج1 ص 24].
وروى مثل ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.
[التذكار في أفضل الأذكار ص 179].
ج- وذكر الإمام القرطبي في كتابه (التذكار في أفضل الأذكار) [ص 108]:
أن محمد بن شجاع لما حضرته الوفاة أشار إلى بيت فقال: "ختمت القرآن في ذلك البيت في الصلاة ثلاثة آلاف مرة".
4 - وكانوا يرون من التقصير المشين أن يؤتى الرجل القرآن ثم يتغافل عن قراءته والنظر فيه.
يقول أبو العالية: "كنا نعد من أعظم الذنب ان يتعلم الرجل القرآن ثم ينام لا يقرأ منه شيئاً"
[الزهد ص 303 لأحمد بن حنبل].
5 - ولم يكن جهد السلف مقصوراً على قراءة القرآن دون حفظه واستظهار آياته، فقد كان فيهم الكثير ممن يحفظ كتاب الله تعالى.
أخرج أبو نعيم في كتابه (حلية الأولياء) [ج1 ص 257]:
بسنده إلى أبي حرب بن الأسود الديلي عن أبيه قال: "جمع أبو موسى القراء فقال: لا تُدخلوا علي إلا من جمع القرآن.
فدخلنا عليه زهاء ثلثمائة، فوعظنا وقال: أنتم قراء أهل البلد، فلا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب أهل الكتاب ..
6 - وكانوا رضوان الله عليهم نموذجاً يحتذى في التدبر لآيات الله عملاً بقوله تعالى:
"كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب"
[سورة ص آية 29].
ومن أقوالهم في هذا الشأن ما يلي:
¥