تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[صرخة في عالم المنهج ــ يا عباد الله لا يصرفنا صارف]

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[26 Feb 2009, 05:50 م]ـ

مقال في هذا المنتدى الكريم أثار جدلاً لا يزال قائماً. وهو بعنوان: (الإعجاز العددي يبحث عنه المسيحيون أيضا في إنجيلهم). ولا يهمني هنا أن نقبل فكرة الإعجاز العددي أو نرفضها، وإنما تقلقني منهجية البعض في الاستدلال سلباً أو إيجاباً. ويصبح الأمر مستحقاً للاهتمام عندما نجد أن هذه المنهجية عند بعض الفضلاء من أهل العلم الذين يستمع إليهم الناس ليأخذوا عنهم.

في مداخلة لبعض الأخوة على العنوان المشاششر إليه وجدت روابط لمحاضرة للشيخ الفاضل خالد بن عثمان السبت في موقع طريق الإسلام مؤرخة عام 2004م، ولقاء عبر المذياع بتاريخ 2008م ولا تختلف المحاضرة عن اللقاء في شيء كثير. وقد دهشت مستغرباً للمنهجية التي التي ينتهجها الشيخ الفاضل، ووجدت من المناسب أن أكتب هذه الملاحظات لعلمي أن هذا المنهج له حضور عند بعض أهل العلم. وقد رأيت للفائدة أن أكرر هذا المقال في المداخلات على العنوان المطروح.

1. يستفيض الشيخ الكريم في الكلام عن اهتمام السلف بالقرآن الكريم وإحصاء كلماته وحروفه ونقطه وآياته وأجزائه وأعشاره والمتصل من كلماته والمنفصل ..... ثم يصدمك بتساؤله مستغرباً أن يتفننوا كل هذا التفنن في العد والاحصاء والاستقصاء ثم هم لم يصلوا إلى النتائج التي يزعمها القائلين بالإعجاز العددي، نعم أحصوا مثل هذا الإحصاء ولم يصلوا؟!!!! وهو بهذا يستدل على بطلان الزعم بوجود الإعجاز العددي.

أفهم أن يكون الصحابة خير أمة، وأفهم أن يسبقوا في فهم العربية، وأفهم أن يسبقوا في فهم الأحكام الشرعية ... ولكن ما علاقتهم بالإحصاء العددي وعلم الرياضيات. ولعل البعض بهذا القول يزعم لهم عصمة أئمة الشيعة، بل لعلهم يحيطون ــ والعياذ بالله ــ بكل شيء علما.

2. أصحاب القول بالإعجاز العددي يقولون بأن القرآن الكريم 114 سورة، ولكن هذا عند الشيخ أمر مختلف فيه فكيف يستندون إلى أمر مختلف فيه في بحوثهم؟! رحماك يا الله، هل يصل بنا الأمر من أجل دحض فكرة ما أن ننقض على بدهيات المسلمين؟!! والعلماء يقولون أجمع من يعتد بإجماعهم على أن سور القرآن 114 سورة. ولم يقولوا:"يعتد بإجماعهم" إلا لعلمهم بوجود أقوال لا يعتد بها.

3. يستعرض الشيخ أمثلة ليبين لنا سخف وتهافت القول بالإعجاز العددي فيختار الأمثلة المتهافتة ولعله لم يجد غيرها، ومنها أمثلة من كتاب الدكتور عبد الرزاق نوفل رحمه الله، وما درى أن هذه بدايات غير ناضجة كانت قبل سنوات طويلة وأن الأمر الآن يختلف، كما هو الأمر في كل العلم تبدأ غير ناضجة.

4. يتحدث الشيخ طويلاً عن الكلمات المتصلة (بئسما) والمنفصلة (بئس ما) وضرورة معرفة ذلك والتزامه وعلى الرغم من ذلك يجعل هذا الأمر في سياق رده على القائلين بالإعجاز العددي الذي يستندون في بحوثهم على الرسم العثماني!!!

5. يصرح بأن فلان من الناس اعتمد في بحثه العددي على المصحف الإمام ثم يقول الشيخ:" لا يصلح الاعتماد عليه" لماذا يا شيخنا؟! أقول كما يقول: لأن هناك عدة قراءات تؤدي إلى اختلاف في رسم الكلمات والحروف. وهنا نقول: القراءة التي اعتمدها المصحف الإمام الذي ذكرته هل هي متواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ فإن كان الجواب هي كذلك. نقول: ألا يكفينا هذا لإجراء البحوث؟! وما ضرورة أن يكون بحثنا الآن في كل القراءات؟!! وإذا أقررنا بأن القراءات تختلف في المعنى أحياناً فما المانع أن تختلف وجوه الإعجاز العددي؟ هل قمت ببحوثكم في باقي القراءات ثم أصدرتم حكمكم بخلو المصاحف من إعجاز عددي متعدد الجوانب أم ماذا؟!!

6. يقول الشيخ بأن الرسم العثماني ليس بتوقيفي وكذلك ترتيب السور. ونحن نقول: لماذا الجزم هكذا، أما كان يجدر بنا أن نقول للناس إن جمهور العلماء يذهبون إلى القول بأن الرسم توقيفي وكذلك جمهور العلماء، وأن هؤلاء يعتمدون قول الجمهور؟! وإذا كنا لا نوافق الجمهور في أقوالهم فلنقل للناس إننا نخالف الجمهور لأن أدلتهم لا تثبت التوقيف في الرسم والترتيب. ونقول جدلاً: لنفترض أن أصحاب بحوث الإعجاز العددي استطاعوا أن يقيموا الحجة على المخالفين ألا يصلح ذلك مرجحاً عند الاختلاف لامتناع الصدفة؟!

7. يضرب الشيخ مثالاً على تهافت حساب الكلمات فيتساءل كيف يحسبون كلمة مثل (تعملونها) كلمة واحدة؟!! والعجيب أنه هو نفسه الذي تحدث في المقام نفسه عن الكلمات المفصولة والموصولة مثل بئسما وبئسما. ونحن نقول للشيخ الفاضل أنهم يحسبون الكلمات كما ترسم في المصحف وكما تكتبها أنت عند الطباعة مستخدماً الآلة الكاتبة. أو كما تكتبها بخط يدك. ألا يكفي أن تكون قاعدة مضطردة ينتج عنها نتائج تقول نظرية الاحتمالات التي ندرّسها للطلبة في مادة الرياضيات بعدم امكانية حصولها صدفة؟!

8. يلوم الشيخ السبت الدكتور عبد الرزاق نوفل كيف يحصي لفظة الملائكة وتكررها في القرآن 88 مرة ولا يحصي معها لفظة جبريل ولفظة شديد القوى ولفظة الصافات!!!! ما هذا ياشيخنا الكريم؟!! إننا ندرك ونقدّر صدقك وحرصك ولكن لا بد من منهجية سوية بعيداً عن كل ما يدعو إليه التحامل.

9. الشيخ يقول إن لفظة (بسم) أربعة حروف!!!! وأصحاب البحوث العددية يصيحون ليل نهار قائلين إننا نتعامل مع الرسم!!! ألا يستحقون منا الاحترام فنخاطبهم بما يفيد ويصحح النهج!!!

10. القرآن كتاب هداية وليس كتاب أعداد. هذا ما يقوله الكثيرون ومنهم الشيخ يقول:" نترك المعنى ونشتغل بعد الحروف!!! ". ونحن بدورنا نقول: كل من يشتغل بعلوم الإعجاز يحيد عن الجادة لأن القرآن كتاب هداية وعمل!!! ماذا يبقى من الهداية والعمل إذا لم تقم الحجة ويوضح البرهان؟!! بل إن هذا أشرف علم، لأن ما سواه يستند إليه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير