[الموت والإحساس بالزمن]
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[17 Mar 2009, 12:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[الموت والإحساس بالزمن]
والذاكراة الإنسانية
يموت الإنسان ويبلى وتخلتط ذرات جسده بتراب الأرض التي خلق منها ولا يبقى له عين ولا أثر، وتمر القرون المتطاولة، ثم يبعث فإذا هو عند النقطة التي توقفت حياته عندها ..... "فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون".
صور من القرآن للحظات البعث بعد الموت:
الصورة الأولى: صاحب القرية
(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة البقرة (259)
مئة عام = يوم أو بعض يوم
الصورة الثانية: أصحاب الكهف (النوم موته صغرى)
(فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) الكهف (11)
(وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا) سورة الكهف (19)
(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا) سورة الكهف (25)
309= يوم أو بعض يوم
الصورة الثالثة: يوم القيامة
(قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) سورة المؤمنون (114)
1000، 10000، 100000، ..... ؟؟؟ = يوم أو بعض يوم
أما الذاكرة:
(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) سورة الكهف (49)
ـ[أبوالوليد السقطي الشهري]ــــــــ[17 Mar 2009, 01:54 ص]ـ
جزاك الله خير , وفتح عليك من علمه.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[17 Mar 2009, 01:42 م]ـ
*وصورة أخرى يقدمها القرآن عن الذاكرة والإحساس بالزمن بعد البعث في قوله تعالى:
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) سورة يونس (45)
في وقت الحاضر يعيش على هذه البسيطة أكثر من ستة مليار من البشر (6000,000,000) ستة الآف مليون.
وكم وارى الثرى من لدن آدم إلى يومنا هذا؟
وكم سيواري إلى يوم البعث؟
"يتعارفون" صورة يعجز العقل عن تصورها فضلا عن إدراكها.
ولكنها قدرة الله القائل:
(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ) سورة ق (44)
يقول الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره:
"ووجه الشبه بين حال زمن لبثهم في القبور وبين لبثِ ساعة من النهار وجوهٌ: هي التحقق والحصول، بحيث لم يمنعهم طول الزمن من الحشر، وأنهم حشروا بصفاتهم التي عاشوا عليها في الدنيا فكأنهم لم يفنوا. وهذا اعتبار بعظيم قدرة الله على إرجاعهم.
والمقصود من التشبيه التعريض بإبطال دعوى المشركين إحالتهم البعث بشبهة أن طول اللبث وتغير الأجساد ينافي إحياءها {يقولون أئنا لمردودون في الحافرة أإذا كنا عظاماً نخرة} [النازعات: 10، 11].
وجملة: {يتعارفون بينهم} حال من الضمير المنصوب في {نحشرهم}.
والتعارف: تفاعل من عَرف، أي يعرف كل واحد منهم يومئذٍ من كان يعرفه في الدنيا ويعرفه الآخَر كذلك.
والمقصود من ذكر هذه الحال كالمقصود من ذكر حالة {كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار} لتصوير أنهم حشروا على الحالة التي كانوا عليها في الدنيا في أجسامهم وإدراكهم زيادة في بيان إبطال إحالتهم البعث بشبهة أنه ينافي تمزق الأجسام في القبور وانطفاء العقول بالموت.
فظهر خسرانهم يومئذٍ بأنهم نفوا البعث فلم يستعدوا ليومه بقبول ما دعاهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم"
* أبا الوليد الشهري: وجزاك وفتح عليك وأدخلك في الصالحين.