[هل دل القرآن الكريم على نبوة مريم عليها السلام؟ (للإثراء والمداولة)]
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[19 Mar 2009, 11:30 م]ـ
هل دل القرآن الكريم على نبوة مريم عليها السلام؟
(بحث للإثراء والمداولة)
سبق أن بحث هذا الموضوع في هذا المنتدى من إخوة أكارم.
والداعي لكتابة هذه السطور أن هذه المسألة مرت بي في كتابين جديدين – كنت أشتغل بتحقيقهما وإعدادهما للطباعة -.
الأول: كتاب مناسبة تراجم صحيح البخاري بعضها لبعض، من تصنيف شيخ الإسلام أبي حفص عمر بن رسلان البلقيني.
والآخر: كتاب دلائل النبوة لشيخ المحدثين فيما وراء النهر أبي العباس جعفر المستغفري.
أما البلقيني فقال وهو يبين عادة البخاري في ترتيب التراجم، حيث إنه ذكر باب زكريا، ثم عقب بباب: واذكر في الكتاب مريم، فقال البلقيني: ثم قال: باب واذكر في الكتاب مريم، وهذا يظهر منه أنها عند البخاري نبية، وبذلك قال جماعة من العلماء، والصحيح أنها ليست نبية، وإنما ترجم البخاري عليها لأنها من توابع زكريا، ثم ذكر البخاري ما يرشح أنها نبية، فقال: باب وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك الآيتين، ثم باب قوله تعالى إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك الآية أهـ.
وأما المستغفري فقال في الباب العاشر والأخير من دلائل النبوة: وكرامات الأولياء حق بكتاب الله تعالى، والآثار الصحيحة المروية، وإجماع أهل السنة والجماعة على ذلك.
فأما الكتاب: فقوله تعالى كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عدها رزقا، قال أهل التفسير في ذلك: أنه كان يُرى عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف ومريم صلوات الله عليها لم تكن نبية بالإجماع، فهذه الآية حجة على من ينكر الكرامات للأولياء أهـ.
هكذا نقل المستغفري الإجماع، والمسألة – كما في معلومكم - فيها خلاف مشهور، والقرطبي من أشهر من انتصر لنبوة مريم عليها السلام، وبحثه أقوى بحث في ذلك، والبخاري يميل إلى هذا القول، وكذلك غيره من الكبار.
ولكلا القولين أدلة ووجه من النظر.
فلما كان الأمر كذلك أردت النظر في القرآن الكريم والتأمل في الدلالات الواردة فيه هل هي تثبت نبوة مريم عليها السلام أو تنفيها، حيث إنه لا دليل من السنة قاطع في هذا المسألة فيما أعلم.
إنما في السنة تخييرها على سائر النساء وتفضيلها عليهن.
ويبقى البحث بعد ذلك: إذا كانت أفضل النساء فهل يقتضي هذا أن تكون نبية النساء، فإن المتكلمين يشترطون الذكورية في النبي.
والإمام الطبري حمل هذه الخيرية على الجنة فهي أفضل النساء في الجنة، مستشهدا ببعض الروايات الصحيحة، وقال في تفسيره: واصطفاك على نساء العالمين"، يعني: اختارك على نساء العالمين في زمانك، بطاعتك إياه، ففضَّلك عليهم، كما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"خيرُ نسائها مريم بنت عمران، وخيرُ نسائها خديجة بنت خويلد" يعني بقوله:"خير نسائها"، خير نساء أهل الجنة.
ثم روى من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير نساء الجنة مريم بنت عمران، وخير نساء الجنة خديجة بنت خويلد اهـ.
إلا أن هذه الخيرية لا تدل على نبوتها لأنه قرنها بنساء أخريات كاملات خيرات، وهن بالإجماع لسن بنبيات، كخديجة وعائشة وفاطمة رضي الله عنهن.
قال صلى الله عليه وسلم: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم وآسية وخديجة وفاطمة رضي الله عنهن.
وفي السنة المطهرة مناقب أخرى لمريم البتول عليها السلام، ليس فيها دلالة على كونها نبية.
ـ[أحمد بن فارس السلوم]ــــــــ[19 Mar 2009, 11:39 م]ـ
وأما القرآن الكريم:
فسأورد الآيات الواردة في شأنها مصنفة بحسب سياق الآيات ثم ننظر في دلالاتها.
وبعد البحث والتأمل في الآيات التي ورد فيها ذكر مريم وابنها عيسى عليهما السلام فإننا نلحظ ما يلي:
أولا: حين يقرن القرآن بين الأنبياء ويذكرهم في مقام الرسالة فإنه لا يذكر إلا المسيح عليه السلام وحده، ولا يذكر أمه مريم، كما في قوله ولقد اتينا موسى البينات وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات .. الآية
وكما في قوله: تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ... الآية
ثانيا: حينما يذكرها مفردا، فإن ذلك يكون لأمور:
¥