تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[آية أخرى توقف عندها سيد رحمه الله]

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 Mar 2009, 11:20 م]ـ

(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) سورة المائدة (93)

يقول سيد رحمه الله تعالى:

"ولم أجد في أقوال المفسرين ما تستريح إليه النفس في صياغة العبارة القرآنية على النحو وتكرار التقوى مرة مع الإيمان والعمل الصالح، ومرة مع الإيمان، ومرة مع الإحسان. . كذلك لم أجد في تفسيري لهذا التكرار في الطبعة الأولى من هذه الظلال ما تستريح إليه نفسي الأن. . وأحسن ما قرأت - وإن كان لا يبلغ من حسي مبلغ الارتياح - هو ما قاله ابن جرير الطبري: «الاتقاء الأول هو الاتقاء بتلقي أمر الله بالقبول والتصديق والدينونة به والعمل. والاتقاء الثاني الاتقاء بالثبات على التصديق والثالث الاتقاء بالإحسان والتقرب بالنوافل». .

وكان الذي ذكرته في الطبعة الأولى في هذا الموضع هو: «إنه توكيد عن طريق التفصيل بعد الإجمال.

فقد أجمل التقوى والإيمان والعمل الصالح في الأولى. ثم جعل التقوى مرة مع الإيمان في الثانية، ومرة مع الإحسان - وهو العمل الصالح - في الثالثة. . ذلك التوكيد مقصود هنا للاتكاء على هذا المعنى. ولإبراز ذلك القانون الثابت في تقدير الأعمال بما يصاحبها من شعور باطني. فالتقوى. . تلك الحساسية المرهفة برقابة الله، والاتصال به في كل لحظة. والإيمان بالله والتصديق بأوامره ونواهيه، والعمل الصالح الذي هو الترجمة الظاهرة للعقيدة المستكنة. والترابط بين العقيدة الباطنة والعمل المعبر عنها. . هذه هي مناط الحكم، لا الظواهر والأشكال. . وهذه القاعدة تحتاج إلى التوكيد والتكرار والبيان «.

وأنا، اللحظة لا أجد في هذا القول ما يريح أيضاً. . ولكنه لم يفتح عليَّ بشيء آخر. . والله المستعان ".

ـ[أبو الحارث العامودي]ــــــــ[16 Mar 2009, 04:13 م]ـ

شكرا لك اخي محب القرآن

لقد شغلتني هذه اللآية بعد أن قرأت ما كتبته أنت، وقد هديت إلى مقال في موقع الكتروني يفسر اللآية ولم أعثر على اسم الكاتب

((جاء في الآية 93 من سورة المائدة " لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ".

إذا اتقى المؤمن المحارم وعمل الصالحات فلا يضره بعد ذلك عمل، طالما أنّه يتحرى الحلال ويمارس العمل الصالح. وتكون التقوى في الدرجة الأولى بالابتعاد من المحرمات والمكروهات، أي بالابتعاد عن عوامل الهدم قبل الاشتغال بالبناء. أما العمل الصالح فهو في الحقيقة بناء وارتقاء، ويكتسب كل ذلك قيمة في الشرع عندما يقوم على أساس من الإيمان الصحيح.

لقد أشكلت هذه الآية على كثير من أهل التفسير، ومنهم سيد قطب، رحمه الله؛ عند تفسيره لقوله تعالى: " إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا " بعد قوله: " إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ". والذي نراه أنّ الآية الكريمة تكشف لنا عن حقيقة العلاقات بين الإيمان والعمل الصالح. فمعلوم أنّ جمهور أهل السُنّة والجماعة يُعرّفون الإيمان بأنه: تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعملٌ بالأركان. وقد خالف أبو حنيفة، رحمه الله، فاعتبر أنّ الإيمان هو تصديق بالقلب وإقرار باللسان. أي أنّ العمل الصالح عند أبي حنيفة لا يدخل في ماهية الإيمان.

لا شك أنّ الإيمان تصديق بالدرجة الأولى، وينبني على هذا التصديق فعل وترك، وهذا واضح في قوله تعالى: "إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ". وعندما يكون الكف عن المحارم وعمل الصالحات نابعاً عن الإيمان، وعندما يصبح عادة وديدناً للإنسان، تنشأ عن ذلك علاقة جدلية ارتقائية؛ أي أنّ العمل الصالح الذي يصدُر عن إيمان يقوي هذا الإيمان، ثم لا يلبث هذا الإيمان القوي أن يقود إلى عمل أصلح، ... وهكذا في مسيرة ارتقائية. ومن هنا قال جمهور أهل السُنّة والجماعة: "الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي".

عندما يحصل مثل هذا الارتقاء لا تعود تلاحظ خطوطاً فاصلة بين حقيقة الإيمان وحقيقة العمل. وحتى تتضح الفكرة نضرب مثالاً بالأشخاص الذين يتعلمون الطباعة على الآلة الكاتبة، حيث يلزمهم معرفة الحروف ومواقعها على لوحة المفاتيح. وعندما يمارس المبتدئ عملية الطباعة يكون حاضر الذهن مفتوح العيون فلا يضغط على مفتاح الحروف حتى يتعرف عليه، ومن هنا تكون العملية في البداية في غاية البطء والتكلّف. وبعد حين ونتيجة للممارسة الطويلة ذهنياً وعملياً نجد أنّ متقن الطباعة لا يعود يفكر في مواقع الحروف ولا يعود يتكلف الأمر، بل يحصل اندماج بين الفكرة والسلوك ويصبح الفعل سليقة، ولا تعود تلاحظ خطوطاً فاصلة بين الفكرة والسلوك.

فالآية الكريمة تتحدث إذن عن الحالة الارتقائية الاندماجية التي تنتج عن ممارسة العمل الصالح على أساس من الإيمان.

فالبداية إذن:" اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا"، ثم: " اتَّقَوْا وَآَمَنُوا "، أي أنه لم يعد هناك فصل بين حقيقة الإيمان والعمل، بل إنّ الأمر يصل في مسيرة الارتقاء إلى حالة هي أرقى من الإيمان، ألا وهي الإحسان، حيث يكون التصديق أقرب إلى عالم المشاهدة، وحيث يكون العمل في أبهى صورة، ويصدر عن المحسن من غير فكر ولا رَويّة:" ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا".

إنّ أمثال هؤلاء إذا ما استشكل عليهم حكم شرعي، ولم يصل بهم فقههم إلى ترجيحٍ ظاهر يكفيهم عندها فتوى القلوب، تماماً كما هو الأمر عندما ننظر بأكثر من عين وتكون لدينا صورة واحدة))

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير