والاستعانة} هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع , ودفع المضار , مع الثقة به في تحصيل ذلك.
والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية , والنجاة من جميع الشرور , فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما. وإنما تكون العبادة عبادة , إذا كانت مأخوذة عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقصودا بها وجه الله. فبهذين الأمرين تكون عبادة , وذكر {الاستعانة} بعد {العبادة} مع دخولها فيها , لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى. فإنه إن لم يعنه الله , لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر , واجتناب النواهي.
ثم قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} أي: دلنا وأرشدنا , ووفقنا للصراط المستقيم , وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله , وإلى جنته , وهو معرفة الحق والعمل به , فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط. فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام , وترك ما سواه من الأديان , والهداية في الصراط , تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا. فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته , لضرورته إلى ذلك.
وهذا الصراط المستقيم هو: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. {غَيْرِ} صراط {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم. وغير صراط {الضَّالِّينَ} الذين تركوا الحق على جهل وضلال , كالنصارى ونحوهم.
فهذه السورة على إيجازها , قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن , فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية يؤخذ من قوله: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}
وتوحيد الإلهية وهو إفراد الله بالعبادة , يؤخذ من لفظ: {اللَّهِ} ومن قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وتوحيد الأسماء والصفات , وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى , التي أثبتها لنفسه , وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه , وقد دل على ذلك لفظ {الْحَمْدُ} كما تقدم. وتضمنت إثبات النبوة في قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة.
وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وأن الجزاء يكون بالعدل , لأن الدين معناه الجزاء بالعدل.
وتضمنت إثبات القدر , وأن العبد فاعل حقيقة , خلافا للقدرية والجبرية. بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع [والضلال] في قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} لأنه معرفة الحق والعمل به. وكل مبتدع [وضال] فهو مخالف لذلك.
وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى , عبادة واستعانة في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فالحمد لله رب العالمين.
تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن للشيخ السعدي رحمه الله
ـ[بو عبدالرحمن"]ــــــــ[04 Mar 2009, 09:28 م]ـ
ارجو من الاداره تثبيت هذا الموضوع لتعم الفائده وجزاكم الله خيرا
ـ[بو عبدالرحمن"]ــــــــ[05 Mar 2009, 09:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين
و صلى اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
سورة الإخلاص
قال الله تعالى:
قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد
"قل": قولا جازما به، معتقدا له، عارفا بمعناه.
"هو الله أحد": أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، والذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
"الله الصمد": أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه. الحليم الذي كمل في حلمه. الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه. ومن كماله، أنه
"لم يلد ولم يولد": لكمال غناه
"ولم يكن له كفوا أحد": لا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى. فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.
والمعنى: أن الله لم يكافئه أحد من خلقه، فليس له شبيه و لا عدل
تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن للشيخ السعدي رحمه الله
و الحمد لله رب العالمين
و صلى اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
ـ[أبو المهند]ــــــــ[05 Mar 2009, 11:11 م]ـ
[ QUOTE= بو عبدالرحمن";73369] ان يضع كل مشارك ايه او سورة صغيره من كتاب الله الحكيم
موفق إن شاء الله يا "بو عبد الرحمن " ولكن من باب النصح الممزوج بالمحبة لا يوجد في القرآن شيء اسمه سورة صغيرة، فسور القرآن كلها كبيرة المقام والشان
والصواب سورة قصيرة.
شكرا على سعة صدرك والله الموفق
¥