تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنَّ دلالة هذا الحديث على محل النزاع التي لم تجدها أيها المُباركُ وجدها البخاري رحمهُ الله تعالى يوم بوب في صحيحه بابا عنوانه (بابٌ لا يقولُ فلانٌ شهيد) ثم ساق هذا الحديث وأتبعهُ بحديث قاتل نفسه الذي طاعن المشركين وأبلغ في إثخانهم وإصابتهم حتى قطع الصحابةُ لهُ بالجنة فقطع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنار , وتابعهُ الصحابةُ حتى عمد إلى نفسه فقتلها , فقال صلى الله عليه وسلم بعد ذلك (إن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة)

فالدلالة فيهما على محل النزاع أوضحُ من أن تنكَر, وفيهما إشارةٌ واضحةٌ إلى أنَّ ظاهرَ الميتة الحسنةِ قد تنقضهُ دسيسيةٌ باطنةٌ لا يعلمها إلا الله , ولو كانت أوصافُ الشهادة الشرعية كلما ظهرت على شخصٍ جُزم لهُ بالشهادة واستلزمَ الجزمُ له بذلك القطعَ له بدخول الجنة , لما كانَ هناكَ معنى لشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض صحابته كعمر وعثمان وغيرهما بالشهادة.

وأما ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في حديث الغلام الذي كان يخدمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل له رحلهُ فأتاهُ سهم أرداهُ طريحاً فاستبشر له الصحابة وقالوا هنيئاً له الجنة , فقال صلى الله عليه وسلم (كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا).

فتهنئة الصحابة للميت بالجنة إنما لاعتقادهم أنه استشهد في سبيل الله , وهذا لا يختلف عن قولنا الشهيد فلان , فالنتيجةُ واحدة في كلا الحالين.

ما ورد عن سلف هذه الأمة من إطلاق لفظ الشهيد على بعض الأشخاص كما نقله بعض الإخوة من كتاب الاستيعاب وكما يتكرر عند الذهبي في السير وكما جاء على ألسنة بعض الصحابة في وصف بعضهم بعضاً إنما يُحمَلُ على الظاهر من حال من يعنونهُ رجاءً لهُ أن يكون شهيداً ولا يتصورُ فيه القطعُ الجازمُ , وقد أشار إلى ذلك الحافظُ ابن حجر في تعليقه على تبويب البخاري فقال: أي على سبيل القطع.

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[06 Mar 2009, 12:46 م]ـ

الأخوة الكرام،

لا أدري إن كان الخلاف شكلي أم حقيقي، وإليكم أولاً ما أراه من مجمل الأدلة: يصح أن أقول قتل فلان شهيداً، (وهذا على ما يبدو ليس بمحل للنزاع). ومثلها اشتشهد فلان. ولا أرى بأساً أن يقال فلان شهيد ما لم تأت قرائن تدل على قصد الجزم؛ كأن يقول فلان شهيد وهو والله في الجنة.

الأحاديث النبوية الصحيحة التي استشهد بها الأخوة لا تدل لهم بل هي عليهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نفى أن يكون فلان شهيد لأنه يعلم منه ما يجعله بعيداً عن نيل الشهادة. ولو كان ما سمعه الرسول من الصحابة من قول لا يصح النطق به لبينه لأن السكوت في معرض الحاجة إلى بيان بيان. وقد سكت الرسول عليه السلام عن القول ونفى الصفة عن الشخص.

القول إن الشهيد في الجنة لا يعني أن كل من كان شهيداً بعلمنا هو في الجنة. والصادق في الجنة ولكن ليس كل صادق في الجنة، والمصلي في الجنة وليس كل مصل في الجنة ..... وهكذا.

مثال توضيحي: صلى رجل معنا الظهر، ثم طُلب منا أن نشهد أمام القاضي في قضية، فقلنا لقد صلى فلان الظهر ونحن نشهد على ذلك. فقال القاضي هل تشهدون أنه نوى الصلاة أو أنه كان على وضوء، أو أن صلاته قد قُبلت؟ عندها نقول: لا نشهد.

ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Mar 2009, 01:34 م]ـ

ما ورد عن سلف هذه الأمة من إطلاق لفظ الشهيد على بعض الأشخاص كما نقله بعض الإخوة من كتاب الاستيعاب وكما يتكرر عند الذهبي في السير وكما جاء على ألسنة بعض الصحابة في وصف بعضهم بعضاً إنما يُحمَلُ على الظاهر من حال من يعنونهُ رجاءً لهُ أن يكون شهيداً ولا يتصورُ فيه القطعُ الجازمُ , وقد أشار إلى ذلك الحافظُ ابن حجر في تعليقه على تبويب البخاري فقال: أي على سبيل القطع.

وهذا هو بعينه الذي نقوله أيها المبارك.

وجزا الله الجميع الجنة.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

ـ[ابو هاجر]ــــــــ[06 Mar 2009, 04:32 م]ـ

(مثال توضيحي: صلى رجل معنا الظهر، ثم طُلب منا أن نشهد أمام القاضي في قضية، فقلنا لقد صلى فلان الظهر ونحن نشهد على ذلك. فقال القاضي هل تشهدون أنه نوى الصلاة أو أنه كان على وضوء، أو أن صلاته قد قُبلت؟ عندها نقول: لا نشهد).

فكذلك إذا خرج معنا فلان إلى المعركة وقاتل وقتل فقال القاضي هل تشهدون أن فلانا قاتل معكم؟

فنقول نشهد فإذا قال هل تشهدون أنه شهيد فعندها فنقول لانشهد 0

تأملوا ماكتبه الأخ محمود والأخ حكيم فإني أرى الحق لا يعدوه000

ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[06 Mar 2009, 05:09 م]ـ

نعم هذا هو الإنسان، وتبقى الخلافات الاجتهادية موجودة، ولا مجال أن يلتقي الناس يوماً على كل قول في الدين ما لم يأتهم معصوم.

ولتكتمل الصورة سأستشهد بحديث تم الاستشهاد به من قبل من يخالفنا:

روى مسلم رحمه الله تعالى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:

(مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ): فهم إذن يعدّون بعض القتلى شهداء.

(قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ): يقولون هو شهيد.

(قَالَ إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ): حكمهم إذن صحيح ولكنه ناقص.

(قَالُوا فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ... )

(وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ):إذن من تبين بالفحص أنه مات بالطاعون فهو شهيد، ومن زاد على ذلك فعليه بالدليل.

ونزيد فنقول: ومن وجدناه تحت الردم ميتاً فهو شهيد، ومن قتل وهو يدافع عن ماله فهو شهيد.

فمالنا لا نشهد لمن شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

ونقضي لهم على نحو ما نسمع ونشاهد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير