تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعندما جعلني عملي في التلفزيون شخصية عامة أكثر شهرة تطوَّر أملي في التوفيق بين مثليَّتي والإسلام إلى واحد من انشغالاتي. وكان المشاهدون يريدون مني أن أُبرِّر حالتي الاستثنائية في الجمع بين هويَّتين. وقد دُفِعْتُ إلى نوبة حادة من المراجعة، بل راودتني حتى إمكانية التخلي أخيرا عن الإسلام من أجل الحب. اسمعوا: أيُّ حافز أفضل من هذا الحافز للتضحية بأي شيء؟ ولكني كلما أصل إلى حافة إقصاء نفسي كنتُ أتراجع، لا بدافع الخوف وإنما من باب الإنصاف، إنصاف نفسي. وكان سؤال واحد يتطلب مزيدا من التفكير: إذا كان الله العليم القدير لا يريد أن يجعلني سحاقية فلماذا خلقني سحاقية؟ (صحيح: لماذا؟ أسعفينا بالجواب، جزاك الله عنا خيرا) هل خلق أحدا آخر بدلا مني؟

التحديات العدائية لـ"تبرير نفسي" أصبحت حدثا يكاد يكون يوميا بعد عام 1998. ففي ذلك العام بدأتُ أستضيف برنامج "تلفزيون شاذ: Queer Television"، وهو مسلسل تلفزيوني يُبَثّ على الإنترنت أيضا عن ثقافَتَيِ المثليين والسحاقيات. وكان البرنامج يتعلق ببشرٍ مثلنا بعيدا عن الإباحية والخلاعة. ومع ذلك فإن مسلمين أتقياء انضموا إلى أصوليين مسيحيين في الاحتجاج ضد ظهوري على شاشات تلفزيوناتهم. وفي الواقع أني ما كنتُ أتوقع أقل من ذلك، ولكن هل كنتُ من السذاجة كي أتوقع أكثر قليلا من ذلك: مناظرة بدلا من مجرد الإدانة؟ ".

ولعل القارئ لم يفته أن الذين وقفوا يعضّدون هذه السحاقية كلهم من الغربيين واليهود، وأن الذين شجعوها على تأليف الكتاب ووفّروا لها الجو والمراجع والمال وراحة البال (مع مستلزمات ممارسة الشذوذ الجنسى بدءًا بميشيل، وانتهاءً بما لا أدرى ماذا) ونشروه لها هم مسؤولو دار "راندم هاوس: Random House"، وهى دار نشر يهودية. وبالمناسبة فالكتاب قد تُرْجِم إلى كل اللغات الرئيسية فى القارات الخمس، ويوزَّع الآن فى كل أرجاء الأرض على أوسع نطاق مع أنه الكتاب الثانى فقط الذى يحمل اسمها. فإذا أضفنا أنه يفيض بالتغزل فى اليهود والأمريكان، والغرب بوجه عام، ويرمى المسلمين والإسلام ورسوله وإلهه بكل نقيصة من أجل سواد عيونهم (أو زرقتها على الأصح) اتضحت لنا ملامح الصورة، وعرفنا أسرار ما يجرى خلف الأستار! ولكى نزوِّد القارئ بعينة سريعة مما تلقته من تربيةٍ فى صباها تلك البنتُ السحاقية التى يَسْعَوْن لتكون أول شيخة إسلام فى التاريخ، وكذلك أول من يلبس من المشايخ الطاقية اليهودية بدلا من العمامة)، لكى نزود القارئ بعينة مما تلقته من تربيةٍ فى صباها هذه البنتُ التى تشتم المسلمين فى كل صفحة من صفحات كتابها وتشنِّع عليهم وعلى دينهم ولا ترى فيه أو فيهم إلا كل شر وقبح وغباء، مثلما لا تستطيع أن تبصر فى اليهود والغربيين ودينهم إلا كل ما هو نبيل كريم ذكىّ متحضر، أَسُوق هذه السطور من حديثها عن المدرسة النصرانية التى أخذت تتردد عليها فى بيئتها الجديدة التى انتقلت إليها أسرتها إثر مغادرتها أوغندا فى أيام عيدى أمين حسبما تقول:

"بعد عامين على استقرار عائلتي اكتشف والدي توافر خدمات مجانية للعناية بالأطفال أثناء غياب الوالدين، في كنيسة "روز أوف شارون المعمدانية Rose of Sharon Baptist : Church" ( ما أن تقول كلمة "مجانا" للمهاجر حتى تتراجع الانتماءات الدينية إلى موقع ثانوي أمام الصفقة المتاحة في اليد). وكلَّ أسبوع عندما كانت والدتي تغادر المنزل لبيع منتجات "إيفون" بالطواف على البيوت كان والدي، الذي لا يكن حبا كبيرا للأطفال، يترك صغاره في الكنيسة. وهناك كانت السيدة الجنوب آسيوية المشرفة على دراسة الكتاب المقدس تُبْدِي من الصبر معي ومع شقيقتي الأكبر سنًّا ما تُبْديه مع ابنها الذي من دمها ولحمها. وهي التي غرست فيّ القناعة بأن أسئلتي كانت جديرة بأن تُسأل. وبديهي أن الأسئلة التي كنتُ أطرحها طفلةً في السابعة من العمر ما كان لها إلا أن تكون أسئلة بسيطة: من أين أتى المسيح؟ متى عاش؟ ماذا كان يشتغل؟ ممَّ تزوج؟ هذه الأسئلة لم تضع أحدا في مأزق، ولكن مقصدي أن فعل السؤال، ثم السؤال، كان دائما يَلْقَى ابتسامة أخَّاذة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير