تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لعل هذا هو الحافز وراء فوزي، في الثامنة من العمر، بجائزة "أفضل المسيحيين الواعدين لهذا العام". وكانت جائزتي طبعة مصورة بألوان زاهية لمائة قصة وقصة من الكتاب المقدس. أنَظْرُ إلى الماضي الآن وأحمدُ الله أن المطاف انتهى بي في عالمٍَ لا يتعين أن يكون القرآن كتابي الأول والأوحد فيه كأنه الغذاء الروحي الوحيد الذي تقدمه الحياة إلى المؤمنين. زد على ذلك أن طبعة الـ 101 قصة من الكتاب المقدس سحرتني بصورها. كيف ستبدو 101 قصة من القرآن؟ في حينه لم أرَ شيئا من هذا القبيل. واليوم ليس هناك شُحٌّ في كتب الأطفال التي تتناول الإسلام بما فيها كتاب "حرف الألف مفتاح لكلمة الله" من تأليف يوسف إسلام (المعروف سابقا باسم كات ستيفينز: Cat Stevens)، فالمجتمعات الحرة تتيح إعادة اختراع الذات وتَطَوُّر الديانات. بعد فترة وجيزة على فوزي بلقب "أفضل المسيحيين الواعدين" اقتلعني والدي من الكنيسة، فإن مدرسة دينية إسلامية جديدة ستُفتَح قريبا، وهذه المتشاطرة الصغيرة لا تستطيع الانتظار. وقياسًا على تجربتي في مدرسة أيام الأحد ستكون المدرسة الإسلامية مسلِّية، أو هكذا افترضتُ ببراءة". ولست بحاجة إلى أن أوضح للقارئ أن المدرسة الإسلامية التى أخذت تتردد عليها السحاقية البريئة الطاهرة أعطتها خازوقا كبيرا، إذ طلعت مدرسة "تقرف الكلب" كما صوَّرَتْها! وهذا أمر طبيعى تماما، وهل كان يمكن أن نتوقع غيره فى حالة تلك البائسة؟

وكنت قرأت منذ وقت قريب كتاب "النوافذ المفتوحة" الذى يترجم فيه شريف حتاتة لنفسه، وهو شيوعى معروف، فلفت نظرى منه أشياءُ مما لفت نظرى فى كتاب إرشاد مانجى ككراهيته للإسلام وشعائره، والرقة فى ذات الوقت مع الديانات الأخرى، فهو مثلا يتقبل كل الأصوات العالية المزعجة فى قريته التى عاد للحياة فيها بعد أن تقدمت به السن، اللهم إلا صوت الأذان، الذى ينعته بالتشنج والوعيد، ويرى فى علوّه دليلا على الجهل والكذب والنفاق، مع أن مبلغ علمى أن الأذان فى قريتهم هو نفسه الأذان فى قريتى وفى كل القرى والمدن المصرية والعربية والإسلامية، وأنهم فى مساجدهم يقولون مثلما نقول: "حى على الصلاة، حى على الفلاح ولا يقولون: "هيا يا أوغاد! تعالَوْا يا أوباش! إلى الصلاة يا غجر! لعنكم الله أيها المجرمون! " مثلا. ثم إننى لا أدرى كيف يمكن أن يكون الأذان خفيضا. أتراه يريد من المؤذنين أن يظلوا يصعدون فى المئذنة حتى تنقطع أنفاسهم، ثم بعد ذلك يكتفون بالهمس به فى أكمامهم لا يُسْمِعونه أحدا؟ ومما لفت نظرى عنده أيضا المباهاة دائما، بمناسبة وبغير مناسبة، بتربيته الإنجليزية المتحضرة على يد أمه (وإن لم ينس أيضا ذكر خليلات أبيه وإدمانه للقمار وكثرة مشاجرتها له بسبب مصروف البيت)، وأنه قد تلقَّى تعليمه أثناء صغره فى مدرسة نصرانية، وتحمّس لديانة الصليب وفكّر فى اعتناقها فى تلك السن وفى تهيئة نفسه للقُسُوسة عندما يكبر لولا أن سارع أبوه بسحبه من المدرسة وتحويله لمدرسة أخرى. كما أن الإطار اليهودى موجود أيضا فى حالته، إذ كانت أمه الإنجليزية الجنسية ذات جذور يهودية، وإن كانت قد تنصَّرت تبعًا لأهلها، ثم أعلنت إسلامها بعد زواجها من أبيه ومجيئها إلى مصر، فشكَّك هو فى هذا الإسلام مُرْجِعًا إياه إلى دوافع مصلحية، وهو ما لم يفعله حين أشار إلى تنصُّرها وتنصُّر أسرتها من قبل، بل تقبَّل الأمر تقبلا طبيعيا غير واجد فيه ما يدعو إلى التشكيك.

وكمثل كتاب مانجى أيضا هناك نصيب للشذوذ الجنسى فى كتاب "النوافذ المفتوحة"، فقد وصف لنا صاحبه بالتفصيل الحى، وبالصوت والصورة (واللمس أيضا) ما فعله به خادمهم النوبى فى صباه حين ... حين ماذا؟ يحسن أن يرجع القراء بأنفسهم إذا أحبوا كى يطالعوا اللوحة الناطقة التى رسمتها ريشة الكاتب لهذه الحادثة فلم تترك شاردة ولا واردة إلا أوردتها، حتى لهاث الخادم وهو يعمل عملته واحمرار عينيه وعملية الإنزال والمكان الذى تمت فيه من جسده وما أحسّه من دفء السائل اللزج على أفخاذه، وكيف ذهب إلى دورة المياه بعدها ليغسل المنىّ عن نفسه وملابسه، وقد أمسك بالسروال فى يديه بعد أن سقط عند قدميه، وكيف كان حذاؤه يصدر صوتا وهو يسير فى أرجاء البيت بسبب ما تسرب إليه من ماء أثناء التنظيف! وكنت قرأت فى الصيف الماضى كذلك كتاب "بيضة النعامة" لأحد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير