ـ[أحمد القصير]ــــــــ[21 Apr 2006, 05:13 م]ـ
دعوى الإجماع على تعذيب أهل الفترة عموماً مُعارض بما ورد في القرآن الكريم من عُذرهم بالفترة، وهي نصوص قطعية لا تحتمل التأويل، ومُعارض بما جاء في السنة النبوية من أنَّ أهل الفترة يُمتحنون يوم القيامة، ودعوى الإجماع لابُدَّ وأن يكون لها مستند من كتاب أو سنة، وأنْ لا تخالف شيئاً من النصوص، وغالباً ما يُحكى الإجماع ولا تجد له أصلاً، أو يكون أصله مختلف في حجيته، وتحقق ثبوت الإجماع عزيز قَلَّ أنْ يثبت.
ولم يأتِ دليل قاطع بتعذيب أهل الفترة عموماً، والأحاديث الواردة في تعذيبهم إنما وردت بخصوص أشخاص بعينهم، ولم يأت فيها ما يُفيد تعذيب أهل الفترة مطلقاً، وقد بيَّن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لا يوجد مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يوجد مسألة يتفق الإجماع عليها إلا ولها مستند من كتاب أو سنة. انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية (19/ 195).
وأما دعوى الملا علي القاري الإجماع على أنَّ الأبوين ماتا على الكفر فهي دعوى عارية عن الصحة، فكيف يُحْكَى الإجماع في زمن متأخر جداً، فالقاري وفاته في سنة (1014 هـ) ولا أعرف أنَّ أحداً ادعى الإجماع قبله، على أنَّ دعوى الإجماع تحتاج إلى تحقيق كما قلتُ سابقاً، فليس كل ما يُحكى فيه الإجماع يجب التسليم له.
والمتأمل في كتابات الملا علي القاري حول حكم الأبوين يجد عنده تناقض وتردد في مصيرهما، فهو في كتابه «أدلة معتقد أبي حنيفة» يذكر لنا أنهما ماتا على الكفر ومصيرهما إلى النار، بينما نراه في كتابه «شرح الشفا، للقاضي عياض» يقول: «وأما إسلام أبويه ففيه أقوال: والأصح إسلامهما على ما اتفق عليه الأجلة من الأئمة، كما بينه السيوطي في رسائله الثلاث المؤلفة».اهـ
وقال في الكتاب نفسه: «وأما ما ذكروه من إحيائه عليه الصلاة والسلام أبويه فالأصح أنه وقع، على ما عليه الجمهور الثقات، كما قال السيوطي في رسائله الثلاث المؤلفة».اهـ
انظر: شرح الشفا، لعلي القاري (1/ 106)، (1/ 648) طبعة استانبول، 1316 هـ.
وفي كتابه «مرقاة المفاتيح» (4/ 216) يذكر لنا أنَّ مذهب الجمهور على أنَّ والديه صلى الله عليه وسلم ماتا على الكفر.
وهذا التناقض من القاري يؤكد لنا خطأ دعواه الإجماع؛ إذ لو كان ثَمَّةَ إجماع لما تردد في مصيرهما.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 Apr 2006, 01:50 م]ـ
وأما أحاديث أمّه صلى الله عليه وسلم فلم يأت منها حديث صحيح صريح بأنها من أهل النار، والثابت هو النهي عن الاستغفار لها، وهذا النهي لا يلزم منه أنْ تكون من أهل النار.
كلا الجملتين غلط.
مجمع الزوائد [جزء 1 - صفحة 314]
457 - وعن بريدة قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنزل ونحن معه قريب من ألف راكب فصلى ركعتين ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان فقام إليه عمر بن الخطاب ففداه بالأم والأب يقول: يا رسول الله مالك؟ قال:
إني سألت ربي عز وجل في الاستغفار لأمي فلم يأذن لي فدمعت عيناي رحمة لها من النار
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح " (قال شعيب: اسناده صحيح على شرط الشيخين)
مجمع الزوائد [جزء 1 - صفحة 313]
456 - وعن أبي رزين العقيلي عن عمه قال: قلت: يا رسول الله أين أمي؟ قال: " أمك في النار " قال: قلت: فأين من مضى من أهلك؟ قال: " أما ترضى أن تكون أمك مع أمي "
رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات.
هل تريد يا شيخ أصرح من هذا؟!
والاستغفار جائز بل مستحب للمسلم -وإن كان عاصياً- ولا يمنع إلا عن الكافر، لأن الله لا يغفر أن يشرك به.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[23 Apr 2006, 04:47 م]ـ
هذان الحديثان معلولان وسأبين ما فيهما من علل:
أولاً: حديث بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَهُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ رَاكِبٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَفَدَاهُ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَكَ؟ قَالَ: إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا
¥