قال (ص): "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه", وفي رواية: "الميت يعذب في قبره بما نيح عليه". أخرجه الشيخان وأحمد من حديث ابن عمر. والرواية الاخرى لمسلم وأحمد. ورواه ابن حبان في صحيحه (742) من حديث عمران بن حصين نحو الرواية الاولى.
وقال (ص): "من ينح عليه يعذب بما نيح عليه (يوم القيامة) " أخرجه البخاري (3/ 126) ومسلم (3/ 45) والبيهقي (4/ 72) وأحمد (4/ 245، 252، 255).
ثم إن ابن عمر لم يتفرد بهذه اللفظة, فقد تابعه عليها عمر بن الخطاب والمغيرة بن شعبة, كما ثبت في الصحيحين. وهذا مما يثبت قطعا خطأ السيدة عائشة, والحق أحق أن يتبع .. , فعائشة رضي الله عنها حبيبة إلينا, ولكن الحق أحب إلينا منها.
ومثل ذلك يقال في كل ما ورد –إن صح أصلا- من هذا القبيل، فالصحابة إذاً لم يتوقفوا في الاحتجاج بخبر الآحاد والعمل به، بل أجمعوا على قبوله كما سبق، وتوقُّفِ بعضهم أحياناً لبعض الأسباب ليس توقفاً عن العمل به .. فتأمل.
4 - قولهم: لو حصل العلم بخبر الواحد لما احتيج في الأحكام إلى تعدد الشهود، ولا إلى يمين المدعي مع الشاهد، فعدم جواز الحكم بشهادة الواحد دليل عدم حصول العلم بخبره، فكذلك كل خبر واحد.
الرد: لما كانت حقوق العباد بينهم كثيراً ما يقع فيها النزاع والتشاجر، جعل الله الحكم بينهم بأمر ظاهر منضبط، هو البينة التي إذا وجدت تحتم الحكم بها. وليس ذلك لحصول العلم بما شهدت به، ولا لعدم حصوله بما دونها. فإن الحاكم لو حصل له العلم بخلاف ما شهدت به لم يجز له القضاء بعلمه، والعدول عن البينة. فالقاضي قد يحصل له العلم بالقضية بدون بينة، وقد يحصل له بشهادة واحد. ولكنه ليس مكلفا بالحكم إلا إذا أتى بالبينة أو استوفى نصاب الشهود.
ثم إن هناك فرقا واضحا وضوح الشمس بين الشهادة والرواية, لا ينكره إلا معاند أو مكابر, ألا وهو: أن الأحكام والشرع قد تكفل الله بحفظه, وضمن لنا بقاءه سليما من الأذى والتحريف والتبديل. لذلك كان ما تضمنته الأخبار الدينية الصحيحة والثابتة عن الرسول (ص) حقاً متيقناً، مقطوعاً بصحته، بخلاف ما شهدت به البينة, فإن الله لم يتكفل بحفظها من دخول الكذب والتدليس والتزوير والتحريف عليها, فإن حقوق العباد مما قدر الله فيها التظالم والتعدي من بعضهم على البعض الآخر ... , فتأمل. ثم إن الأمر بالبينة هو أمر بشيء منضبط لا خَفَاء فيه، ثم فيه نوع من التعبد فيأثم من تركه, وهذا -كما هو واضح لكل من كان له قلب- بخلاف الأخبار الدينية.
والحمد لله أولا وآخرا على توفيقه ومنه وكرمه.
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[21 Jul 2005, 08:08 م]ـ
أرجوا من الإخوة التعليق والتفاعل ... !!!!
أين أنتم أحبتي في الله ... ؛ إنما طرحت هذا البحث هنا قبل أن أنشره رغبة في الاستفادة من تعليقاتكم واستدراكاتكم ومناقشاتكم.
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[07 Jan 2006, 07:50 م]ـ
بيض الله وجهك يا أبا صلاح، يوم تبيض وجوه وتسود وجوه.
طالعته سريعاً، فيه جهد مميز، وما دام أنك تنصر السنة، فإنت في جهاد بارك الله فيك.
وحكى الإجماع على قبولها أيضاً بن قدامة في " تحريم النظر في كتب الكلام "
ص 56 طبع دار عالم الكتب بالرياض تحقيق عبدالرحمن دمشقية
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[08 Jan 2006, 11:20 م]ـ
جزاك الله خيرا
وليتك طرحت الموضوع على مراحل .. ولطوله لم أقرأه!
لكن هنا فائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=22028
ـ[أبو الهيثم]ــــــــ[09 Jan 2006, 02:59 ص]ـ
بعد الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم
جزاكم الله خيرا أخي على هذا المجهود المبذول لاسيما في نصرة السنة،، و لكن كان ينبغي أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ولا تكتب (ص)،، فإن العلماء أعدوا ذلك من الأدب مع رسول الله صلى الله عليه و سلم،، (راجع مقدمة النووي على صحيح مسلم)
ـ[سيف الدين]ــــــــ[13 Jan 2006, 11:01 م]ـ
الاخ الكريم ...
بارك الله في جهودك الطيبة ... وارجو من الله ان تكون اسئلتي اثراء لبحثك الطيب:
1 - عن الاية في سورة النجم {وما ينطق عن الهوى} {ان هو الا وحي يوحى} ... هل يستقيم الاستدلال بهذه الايات عن انها ترجع الى السنة؟ يذهب البعض الى انها ترجع الى القرآن وليس الى السنة ... جاء في تفسير الرازي ج28 ص244 في قوله تعالى: {ان هو الا وحي يوحى}:" ... وان قلنا ان المراد من قوله: {ان هو} قوله وكلامه فالوحي حينئذ هو الالهام ملهم من الله, او مرسل وفيه مباحث:
البحث الاول: الظاهر خلاف ما هو المشهور عند بعض المفسرين وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ينطق الا عن وحي, ولا حجة لمن توهم هذا في الاية, لأن قوله تعالى: {ان هو الا وحي يوحى} ان كان ضمير القرآن فظاهر وان كان ضميرا عائدا الى قوله فالمراد من قوله هو القول الذي كانوا يقولون فيه انه قول شاعر, ورد الله عليهم فقال {وما هو بقول شاعر} وذلك القول هو القرآن, وان قلنا بما قالوا به فينبغي ان يفسر الوحي بالالهام.
البحث الثاني: هذا يدل على انه صلى الله عليه وسلم لم يجتهد وهو خلاف الظاهر, فانه في الحروب اجتهد وحرم ما قال الله لم يحرم وأذن لمن قال تعالى: {عفا الله عنك لم أذنت لهم} نقول على ما ثبت لا تدل الاية عليه. (انتهى كلام الرازي)
¥