ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[23 Jul 2005, 08:25 م]ـ
و قبل الختام ...
تذكَّرْ أنَّ الأحاديث الواردة في الإسبال على ثلاثة أقسام؛
قسم مطلق، مثل قوله " ما أسفل الكعبين في النار "، و قوله في حديث المغيرة رضي الله عنه: " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ بحجزة سفيان بن أبى سهل فقال: يا سفيان لا تسبل إزارك فان الله لا يحب المسبلين" رواه أحمد و النسائي في الكبرى (9704) و ابن ماجة (3574) و ابن حبان فى صحيحه و هو حديث حسن و له شواهد.
قلت: الألف و اللام في (المسبلين) للعهد الذهني، و يعني بهم المختالين. و يؤيده رواية ابن حبان الماضية أول البحث بلفظ:" يا سفيان لا تسبل إزارك، فإن الله لا ينظر إلى المسبلين " و قد مرّ آنفًا بيان مَنْ لا ينظر الله إليهم. و في هذا تأييد قوي لتفسير الحافظ العراقي الذي سبق ذكره، من أنّ عدم النظر تعبير عن عدم المحبة و المقت.
و منه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما رجل يصلي مسبل إزاره، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اذهب فتوضأ ". فذهب فتوضأ ثم جاء فقال: " اذهب فتوضأ "، فقال له رجل: يا رسول الله، مالك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ قال:" إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل".
رواه أحمد (4/ 67) و أبو داود (6380 و 4086)
قلت: أعله المنذري فقال: فيه أبو جعفر رجل من المدينة لا يعرف. و قال الحافظ في (التقريب 1/ 628):" أبو جعفر المؤذن الأنصاري المدني مقبول من الثالثة ومن زعم أنه محمد بن علي ابن الحسين فقد وهم ".
قلت: و قوله " مقبول " يعني عند المتابعة، و لا متابع له في قوله " وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل ". بل الحديث كله على مداره. فالعجب كيف يحكم على صلاة امرئ مسلم و وضوءه بالبطلان بمثل هذه الرواية؟؟؟
و قد روى ابن خزيمة في صحيحه (781) عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا ينظر الله إلى صلاة رجل يجر إزاره بطرًا ". قال ابن خزيمة: قد اختلفوا في هذا الإسناد قال بعضهم عن عبد الله بن عمر. اهـ
و يستفاد من هذا الحديث تقييد الجر بالبطر و هو الكبر و الخيلاء. ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه: " من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حلّ و لا حرام " رواه أبو داود (637)
و قسم مقيِّد بالجر و الخيلاء، و قد ذكرنا طرفًا منه. و بيّنّا بالدليل اتحاد محل العقوبة و مورد الحكم و مقتضى ذلك شرعًا.
و قسم فيه وقائع خاصة بأفراد، خاضعة لاعتبار أحوالهم، لا تفيد العموم. و لا تصلح أن تعارض الأحاديث الصحيحة الصريحة في تقييد الحكم بالمخيلة.
و تذكّرْ أنّ الأصل في اللباس الإباحة و الجواز، لا يحرم منه شيء إلا بنص صحيح صريح لا معارض له. و قد ورد في الحديث:" كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة " رواه البخاري تعليقًا و وصله أحمد (6708) و ابن أبي شيبة (24877) و النسائي (2559) و ابن ماجه (3605) و الحاكم (7188) و صححه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما:" كُلْ ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان؛ سرف أو مخيلة " رواه البخاري تعليقًا و وصله ابن أبي شيبة في مصنفه (24878).
فينبغي أن تراعي في لباسك ذينك المعنيين؛ الإسراف وهو مجاوزة الحد المعتاد: سواء كان في الثمن، أو في الطول، أو في السعة، أو في الفصالة ... و أفضل الأمور الإعتدال في كل ذلك. قال الإمام مالك رحمه الله: " أكره للرجل سعة الثوب في نفسه، و أكره طوله عليه ".
و المخيلة؛ و هو اللباس الذي يبعث على ازدراء الغير و احتقارهم، و يثير في النفس مكامن العجب و الزهو.
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[24 Jul 2005, 07:46 م]ـ
اسم البحث السابق: طرح العتاب في جواز إسبال الثياب.
وأرجوا أن يُقرأ بإنصاف؛ ففيه تحقيق دقيق للمسألة.
ـ[الجعفري]ــــــــ[10 Aug 2005, 08:53 ص]ـ
شكراً على هذا البحث الذي أخالفك في الرأي , فأنا أحسب أن من التواضع للرجل أن يرفع ثوبه ومن علامات الخيلاء إسبال الثوب أو الإزار والواقع يشهد بذلك , وفي الحديث الذي ذكرت " وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة"
وأريد أن أعلق على نقطة في بحثك نقلتها بعيدة عن الموضوع لكنها مهمة جداً, وهي:و قد فسروا عدم النظر بعدم الرحمة، قال في (المستخرج): معنى قوله "لا ينظر إليهم" أي لايرحمهم، والنظر من الله لعباده إنما هو رحمته لهم ورأفته بهم، ومنه قول القائل: انظر إلي ينظر الله إليك أي ارحمني رحمك الله. اهـ) فهذا من التأويل لصفة النظر من الله وصرفه للرحمة وهو مخالف لمنهج أهل السنة من إثبات الصفات لله.
ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[12 Aug 2005, 12:17 ص]ـ
البحث ليس لي أخي الكريم, حيث أشرتُ إلى ذلك في أول المقال.
ولكنه بحث تأصيلي رائع للمسألة.
وإن كان هناك شيء عليه اعتراض, فهذا لا يقدح في البحث.
.. فكل يؤخذ من قوله ويترك إلا هو (ص).
¥