يقول الله: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة: 103]
فالصدقة طهارة ونماء وزيادة
وقد عرف اللغويون الزكاة لانماء
وهي بمثابة تجديد للمال وصيانة له من أبعاد مختلفة
والزكاة خير مثال للتكافل الاجتماعي
فالله جعل له اصولا ومصارف
ولنفكر قليلا مع الزكاة
ان الله أمر كل من يملك قوت يومه أن يخرج زكاة الفطر وهي مرة في العام وبالاحرى قبيل عيد الفطر
وقد طلب الله منا ان نجعلها عونا للفقراء في يوم عيدهم
فكيف لنا نفرح وأخواننا وجيرانا يتضورون جوعا ويلبسون البوالي
فما اجمل العيد وفرحته عندما تجد الفقير قد ألبس أولاده الجديد وجاءهم بالطعام الطيب الذي ربما لا يجدونه طيلة العام
وهناك زكاة المال وقد فرضها الله فيمن بلغ ماله النصاب الحول وجب عليه الزاكة بأن يخرج ربع العشر
أي يخرج من كل ألف جنيه خمس وعشرون جنيها
فهل تؤثرون هذه الجنيهات عليه؟؟
بالطبع تؤثر
هذه الحنيهات القلائل توقف جوع الفقير وتكسيه وتملأ عينه
بل وتطيب نفسه ويعلم أن أخاه الغني لم ينساه
وأيضا هي إدارة لسوق المال ومنع الأموال من الكساد كما أنه أحد حلول لمشكلة السيولة التي بدأت تطارد بلادنا في الأيام الأخيرة
ثم قال: وتصوم رمضان
والصيام عبادة غايتها التقوى
فالله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183]
وهي عبادة سامية عبادة بين الله عباده وهو الذي يجازينا عنها
فكما قال الله في الحديث القدسي الذي رواه عنه الرسول صلى الله عليه وسلم حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، عن أبي صالح الزيات، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل إني امرؤ صائم "
والصيام عبادة عجيبة ترفع الإنسان من الحياة البهيمية إلى الحياة الملائكية
فالرابط بين الإنسان وبين البهائم الشهوات بينما الرابط بينه وبين الملائكة العبادة
فإذا ترك الإنسان شهواته وتعبد لله بإرادته مع قدرته على إتيانها يفوق بذلك الملائكة
ولكن لنا وقفة
فالصوم ليس مجرد امتناع عن شهوات
بل هو طاعة ويجب ألا تخالط الطاعة معصية
والعحب كل العجب من هذا الذي يصوم عن ما أحل الله ولا يمتنع عن ما حرّم الله
والذي ينطبق عليه قول الرسول الذرد في سنن ابن ماجه: حدثنا عمرو بن رافع قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن أسامة بن زيد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر
وقد قسم العلماء الصيام والصائمون إلى أقسام ثلاث صيام العوام وصيام الخصوص وصيام خصوص الخصوص
فصيام العموم هو صيام البطن والفرج فحسب
وأما صيام الخصوص فهوأن يصوم البطن والفرج واللسان والجوارح ويكون صياه طاهرا سالما لا تتخلله معصية
وأما صيام خصوص الخصوص فهو ألا يفكر العقل للحظة في غير الله ولا ينشغل القلب برهة بغير عبادة الله والتفكر في عظمته وملكوته
وما أروع فرحة الصائم فالرسول يقول: للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه "
وما أجمل الفرحة الثانية وما أطيب رائحة المسك التي تزين أفواههم وأروعه من باب يدخلونه يلقب بالريان
فالرسول يقول: والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك "صحيح البخاري
ويقول أيضا في صحيح البخاري: حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني أبو حازم، عن سهل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد " *
وإلى الحج ننتقل هذه العبادة التي تغفر الذنب والتي يعود معها الإنسان كما ولدته أمه
¥