ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[08 Nov 2005, 04:11 م]ـ
استدراك
ذلك الحديث المتقدم أخرجه الترمذي و أبو داود و غيرهما،
و هذا لم ينازع المبيحون في صحته، كما جاء في إفتائهم بالإباحة، قالوا:
(لقد ناقش المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في دورته الخامسة هذا الموضوع، وقرر التالي:-
هذه النسبة المشار إليها لو صحَّ وجودها، فإنها لا تؤثر ولا تُصيِّر الشراب أو الطعام إلى الحرمة، بل هو باق على الحِلّ، وذلك لمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أسكر كثيره فقليله حرام"، حديث صحيح أخرجه أبو داود والترمذي عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما- والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن عمرو.). انتهى الاقتباس، و كذا الاستدراك
* و هذا الذي ادعوه يرده الحديث الذي أوردته، و هو نص في المسألة،
و قد وقع الوهم منهم بإباحته نتيجة للبس بين أحكام الماء المستعمل في الطهارة و بين حكمه في الشرب، و هو ما تقدم بيانه.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 Nov 2005, 10:38 م]ـ
" لا اجتهاد مع النص "
تلك قاعدة أصولية أولية، لا منازع فيها بين من يعتد بقولهم و خلافهم من أئمة العلم المعتبرين،
أحسنت. والنص يشهد لقولنا. فقد جاء في صحيح مسلم: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتبذ له أول الليل فيشربه إذا أصبح يومه ذلك والليلة التي تجيء والغد والليلة الأخرى والغد إلى العصر فإن بقي شيء سقاه الخادم أو أمر به فصب.
قال النووي في شرح الحديث: في هذه الأحاديث دلالة على جواز الانتباذ , وجواز شرب النبيذ ما دام حلوا لم يتغير ولم يغل , وهذا جائز بإجماع الأمة.
أما قولك: ((فإن سلمت أن ذلك " الكحول " هو " خمر " - و أنت لم تنازع في ذلك - فهل تطيب نفسك شرب ما فيه منه كثير أو قليل؟)) فخارج عن الموضوع فإن الغول (الكحول عند الإفرنج) هو أصل الخمر، وتناوله محرم. لكن إن كانت نسبته قليلة للغاية كما في النبيذ، فيعفى عنها. فإن شرب الكثير من النبيذ لا يُسكر. والله الموفق بمنه وفضله.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[08 Nov 2005, 11:57 م]ـ
النبيذ في ذلك الحديث معناه ما ينبذ أي ما ينقع من التمر و غيره، و هو الذي كان يعمل لرسول الله صلى الله عليه و سلم، و لا شك في أن الرسول عليه الصلاة و السلام لم يكن ليشربه إذا اشتد، بل كان يهرقه أو يسقيه خادمه إن ساغه لمجرد أدنى تغير في طعمه،
* و ما سألتك عنه ليس بخارج عن الموضوع، و إنما سقته لك بعدإعراضك عن مقتضى الحديث الصحيح المذكور آنفا،
* و أنت تخرج من موضوع إلى آخر، و من شبهة إلى أخرى، من غير انتهاء من أيهما،
و ما هكذا يتوصل إلى الحق، فليس الجدال بغرض الجدال و كفى، و لكنه وسيلة لإظهار الصواب من الأقوال و الآراء،
* و من أباحوه - و تعقبته عليهم - إنما استدلوا بفهم للحديث أوضحت مجانبته للصواب بأدلة ذكرتها،
و لم يتعللوا بشبهات واهيات لاستحلاله،
و قديما قال أجدادنا العرب في أمثالهم البليغة في شأن شبيه بمسلكك إن نزعنا منه المراء -: " ما هكذا ياسعد تورد الإبل ".
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[09 Nov 2005, 09:13 م]ـ
لكن هذا النبيذ فيه نسبة ضئيلة من الكحول. فإن قلت يعفى عنها لقلتها، فهذا هو قولنا ولله الحمد.
وهذا ما نناقشك به منذ البداية، فلم نخرج عن الموضوع، والله الموفق.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[10 Nov 2005, 01:00 ص]ـ
هذان اقتباسان سابقان أذكرهما هنا ثانية للتذكرة و التبصرة:
الأول: ((* 4 - و هذا الزعم يعارضه،بل يبطله قوله صلى الله عليه و سلم: {كل مسكر حرام، ما أسكر الفرق منه، فملء الكف منه حرام} رواه الترمذي في جامعه، في (باب ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام)، حديث رقم (1866)
قال أبو عيسى: قال أحدهما [يعني راوييه] في حديثه: {الحسوة منه حرام}.
قال: هذا حديث حسن. انتهى)).
الثاني: ((- و قد نقل الإمام ابن رشد (الحفيد) الإجماع على أصل ذلك -:أي أن تلك " المشروبات الغازية " المحتوية على قدر قليل من الكحول هي مشروبات يحرم شربها شرعا، لأجل ما بها من القدر من المحرم - في كتابه " بداية المجتهد "، قال:
[و قد ثبت من حال الشرع بالإجماع أنه اعتبر في الخمر الجنس دون القدر الواجب].)).
*************
قال عز من قائل:
{اقتربت الساعة و انشق القمر * و إن يروا أية يعرضوا و يقولوا سحر مستمر * و كذبوا و اتبعوا أهواءهم و كل أمر مستقر * و لقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر * حكمة بالغة فما تغن النذر * فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر *}. [القمر:1 - 6].
فاللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.
و أقف هنا عند هذا الحد من البيان - كما أوضح الله في هذه الآية - بعد أن طال الجدال و المراء لمجرد الجدال و المراء،
فلا خير يرجى بعد الإعراض عن نصوص الأحكام، و الخروج على الإجماع، تعللا بالشبهات الواهيات.
¥