ليتك لم تعترف لأبي عبد الله بهذا , فوالله ما يفهمُ القرآنَ من لا يحسنُ اللغةَ ولو كان من كان , كيف وهو نازلٌ بلسان عربي مبين , ومن لا يعرفُ هذا اللسان لا يحلُّ له الاستنباط والتقرير , ولكن هذا ليس موضوعي معك بل شأنك بأبي عبد الله.
تقول يا بلفاع:
أما مسألة الشفاء: فالقرآن شفاء لما في الصدور .. و ماذا يوجد في الصدر و هل يقصد بها الرئتان .. ؟؟ لا يا اخي إنه القلب .. و لماذا القلب؟؟ لأن الأمراض تسكن في القلوب .. !!!
.. فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً ... )
.. فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ... )
.إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ .. )
ما هي نوعية هذا المرض .. ؟؟ إنها الوسوسة الشيطانية و الإنسية ..
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ [الناس: 5]
وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46]
أنظر و لاحظ كيف رجعنا إلى كلمة صدور .. كلام واضح يا أخي محمود
و الله تعالى قد جعل كلامه شفاء لما في هذه الصدور من وسوسة ..
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [يونس: 57]
.. وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ [التوبة: 14]
الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]
لا, ليس بواضح يا بلفاع , ولن يتضحَ لأنكَ استمسكتَ بآيتينِ من مجموع آياتٍ وأحاديثَ وحاكمتَ عليها , وهذا خلافُ السبيل العلمي في نقاش المسائل وعرضها , فتأكيدك أنَّ القرآن شفاءٌ من الوسوسة وأمراض القلوب أمرٌ متقررٌ لا يختلف عن ضربك الأيمان وإشهادك الشهود على طلوع الشمس من المشرق , فهو تحصيلُ حاصلٍ لا صلةَ لهُ بإنكارك الاستشفاء البدنيَّ بالقرآن.
وللفائدة فهذا المسلكُ هو ما يؤتَى من قِبَله كثيرٌ من الناكبين عن المحجة قديماً وحديثاً , فينبغي أن ينظُر الباحثُ في مجموع الأدلة ويقرأها ويعلم كلام أهل الشأن عليها ويبني نتيجتهُ على ذلك.
وأقول لك – اختصاراً عليَّ وعلى نفسك - وقد أقررت اعتقادك حجيةَ السُّنَّة: ألم يبلغكَ أنَّ السنةَ النبويةَ كثيراً ما تزيدُ أحكاماً لم يذكرها القرآنُ , وتتلقاها الأمةُ بالقبول وإن شذّ في ذلك بعضُ الأصوليينَ.؟
القرآنُ يثبتُ شفاء الصدور , والسنةُ تثبتُ بأنواعها الثلاثة (القول والفعل والتقرير) شفاء الأبدان , والأحاديثُ صحيحةٌ لا مطعن فيها لطاعن.
وهذه أحد أفرادِ هذه الزيادات التي تزيدُ بها السنة على القرآن , فلنتنازل جدلاً ونسلمَ لبلفاع بأنّ كتاب الله خلا من أي احتمالٍ لإمكانية شفاء الأمراض البدنية بالقرآن , ولكنَّ السنة الصحيحة الثابتة المتفقَ عليها أثبتت ذلك , فما العملُ والحالة هذه.؟
لا يختلفُ اثنانِ في أنَّ الحقَّ هو إضافةُ زيادة السنة إلى القرآن وكلٌ وحيٌ من عند الله , ومنكرُ ذلك منكرٌ للقرآن الذي قال الله فيه (وما آتاكم الرسول فخذوه) وهنا نعود لقول بلفاع:
و أنا أريد منكم كذلك يا أستاذي أن تجيبوا على سؤالنا حتى يتسنى لنا من الإجابة على تساؤلاتكم .. فإذا وضعت أمامكم آية صريحة و حديث مروي يناقض أو لا يوافق كلام الله ترى من ستصدق .. ؟؟
أما فيما يخص إجابتي عن الحديث .. فأرجوك يا أستاذي الكريم أن لا تلزم أحدا بالتصديق بالحديث مادام هناك نصا صريحا في كتاب الله .. فلا يمكن لنا أن نصدق كلاما أو حديثا يتعارض مع القرآن .. وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً [النساء: 87]
وأقولُ: إنَّ حرف (إذا) هذا لا محلَّ لهُ في مسألتنا , لأننا نتكلمُ عن إضافة السنة حكماً زائداً عما جاء به القرآنُ , وكلُّ من يعتقدُ حجيةَ السنة يثبتُ ذلك ولا يفرقُ بينهُ وبين ما في القرآن من جهة التصديق والعمل.
فهات لنا آيةً صريحةً وحديثاً صحيحاً يعارضها , لنحيلك إلى ما يتصرفُ به علماءنا في هذه الحالة , وهذا افتراضٌ يشعبُ نقاشنا إلى ما لا ينفعُ مسألتنا فاتركه بارك الله فيك.
وهل ترى تعارضاً بين إثبات القرآن شفاء الصدور والأمراض القلبيةَ بالقرآن , وبين إضافة السنة العملية والقولية والتقريرية بشفاء الأبدان في القرآن.؟
¥