تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلى كل حالٍ فأنا لا أحسبُ إنكارَ أقوامٍ إمكانيةَ استشفاء الأبدان بالقرآن إلا نتيجة جهلهم بالسنة أولاً , وانبهارهم بحالاتٍ رُقيت به فلم تُشفَ أو زادت مرضاً أو ماتت , وهذا لا يؤثرُ في القضية أدنى تأثير , لأنَّ العلاجَ لهُ شروطٌ لا بد من توفرها وموانع لا بد من انتفائها حتى يتم الشفاء بالقرآن , ومن أهم هذه الشروط أن يشاء الله شفاء المَرقي بالقرآن , ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلمَ امتنع شفاءه بالقرآن وهو في مرض موته خلافاً لما أنكرتهُ قبلُ.؟

ولو عاملناك يا بلفاع بمقتضى ما يثبته العلمُ الحديثُ والمعاينةُ الحسيةُ وحدها لأثبتنا لك أنَّ القرآن لا يشفي أمراض القلوب والنفاق والرياء والحسد والجهل وغيرها بدليل أنَّ محاريب المساجد ومنابرها وإذاعات القرآن ومجالس العلماء لا تزالُ تهتزُّ بالآيات والنُّذر ومع ذلك يحصل أن يكون بعض المصلين أو المستمعين أو حاضِروا هذه الدروس سُرَّاقاً وأكلةَ رباً وزُناةً ومرائينَ وحاسدينَ ومتكبرينَ وغير ذلك, فأين شفاءُ القرآن لما في صدور هؤلاء المؤمنين.؟

هذا كلهُ يثبتُ لك أنَّ القضيةَ متعلقةٌ بشروط وموانع شأنها شأنُ الاستشفاء البدني تماماً.

وبالنسبة لقولك:

يجب أن نعي جيدا لماذا قرأ الرسول على نفسه هذه المعوذتين .. ؟؟

نرجع قليلا إلى الوراء .. و في سورة .. (ص)

فعندما ابتلى الله سيدنا أيوب بالمرض ما قال و ما ذا طلب .. ؟ قال:

وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ [صـ: 41]

و قال أيضا:

وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء: 83]

فسيدنا أيوب طلب من خالقه أن يحميه من كيد الشيطان لأن الشيطان يتربص و يتسلط على الإنسان أثناء مرضه و يكثف من وسوسته حتى يسقط ذلك العبد في القنوط .. و على هذا الأساس فسيدنا أيوب أو رسولنا الكريم محمد هلى الله عليه و سلم .. إلتزما بهذه الوصفة كي يبعد الله الشيطان عنهم .. لأن الله هو الوحيد الذي يستطيع ان يبعد عنهم هذا العدو الخطير .. و لا يبتعد من الإنسان إلا بقراءة القرآن عليه لأنه (الشيطان) لا يتحمل سماع كلام الله .. فهذا هو السبب الرئيسي في قراءة القرآن .. لأن خطورة و كيد الشيطان و وسوسته .. أكبر من خطورة المرض .. نعم يا أخي هذا هو الأصل ..

و سيدنا أيوب قد قال و نادى ربه:

أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

فهو يدعو خالقه و يناجيه .. و يقول له أن هذا الضر الذي سلطه الله عليه لا يشفيه إلا الله وحده (طبعا مع الأخذ بالأسباب في العلاج) .. و الله تعالى يعلمنا من خلال هذه القصة أن نلتجأ .. ونتيقن ... و نتوكل على الله قبل التوكل على الطبيب و الدواء ... إلخ

فهذا هو المراد من القصة .. و الدليل أن الله تعالى قال لنا في نهاية الآية أن هذه الوصفة العلاجية (ذكرى للعابدين)

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء: 84]

و الله المستعان على ما أقول و أستغفر الله لي و لكم و السلام عليكم

يا أخي: هذا قياسٌ لم تُسبَق إليه في أنواع الأقيسة , فما صلةُ رقية عائشة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقصة نبي الله أيوب.؟

وهل أنت تعي حقاً قولك إنَّ الشيطان يكثفُ وسوسته على المرضى ثم لا تجدُ مثالاً لذلك إلا أنبياء الله الذين قضى الله أن لا سبيل للشيطان عليهم (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ على الذين آمَنُواْ وعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فمن هم هؤلاء إن لم يكن إمامهم سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم ومن كبرائهم نبي الله أيوب.؟

هذا كلامٌ وتخليطٌ منك ينبغي أن تُراجعه , وتراجعَ أجوبة العلماء على نسبة النصب للشيطان مع أنهُ لا سبيل له على أيوب ولا غيره من رسل الله ..

و على فرض التنازل لك جدلاً بإمكانه – وما أكثر التنازلات - هل تأملت الآية التالية للتي تستدل بها وهي قوله تعالى لأيوب عليه السلام (اركض بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) فلِمَ يأمرهُ اللهُ بالغسل لذهاب الوسوسة , والشرابُ سيكونُ في باطنه صلوات الله وسلامه عليه وتذهبُ معه وساوسُ الشيطان وعذابهُ لأيوب.؟

إنهُ تأكيدٌ قرآنيٌ على أنَّ أيوبَ شكى مرضَ الظاهر والباطن , فجعل الله شفاء البدن في الغسل والباطن في الشراب , فتأمل.

ثم إن الحديث الذي سقتُه لك لم يقرأ فيه الرسول صلى الله عليه وسلم على نفسه كما تزعمُ , بل ضعف عن القراءة على نفسه فكانت أم المؤمنين هي القارئة وكانت رضي الله عنها تمسحُ بيده الشريفة على جسده الطاهر ثم عللت ذلك بأن يدهُ أعظمُ بركةً عليه , فهل تُراها كانت تمسحُ وساوس الشيطان عن جسده الشريف.؟

ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[12 May 2009, 10:12 ص]ـ

إنني أرى أنه قد طف الصاع في هذا الحوار

وأخشى أن يصل بنا الأمر إلى الجدل العقيم

و (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل)

ولذا فانصح إخواني وإياي بالرجوع إلى هذا الرابط:

http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=15343

وليحذر كل من أدلى بدلوه أن يخرج عن دائرة الكتاب والسنة

أو أن ينال من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يشهر

بالعلماء الذين نقلوا لنا تعاليم شريعتنا السمحة فـ (العلماء ورثة الأنبياء)

بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير