تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما فيما يخص إجابتي عن الحديث .. فأرجوك يا أستاذي الكريم أن لا تلزم أحدا بالتصديق بالحديث مادام هناك نصا صريحا في كتاب الله .. فلا يمكن لنا أن نصدق كلاما أو حديثا يتعارض مع القرآن .. وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً [النساء: 87]

وأقولُ: إنَّ حرف (إذا) هذا لا محلَّ لهُ في مسألتنا , لأننا نتكلمُ عن إضافة السنة حكماً زائداً عما جاء به القرآنُ , وكلُّ من يعتقدُ حجيةَ السنة يثبتُ ذلك ولا يفرقُ بينهُ وبين ما في القرآن من جهة التصديق والعمل.

فهات لنا آيةً صريحةً وحديثاً صحيحاً يعارضها , لنحيلك إلى ما يتصرفُ به علماءنا في هذه الحالة , وهذا افتراضٌ يشعبُ نقاشنا إلى ما لا ينفعُ مسألتنا فاتركه بارك الله فيك.

وهل ترى تعارضاً بين إثبات القرآن شفاء الصدور والأمراض القلبيةَ بالقرآن , وبين إضافة السنة العملية والقولية والتقريرية بشفاء الأبدان في القرآن.؟

وعلى كل حالٍ فأنا لا أحسبُ إنكارَ أقوامٍ إمكانيةَ استشفاء الأبدان بالقرآن إلا نتيجة جهلهم بالسنة أولاً , وانبهارهم بحالاتٍ رُقيت به فلم تُشفَ أو زادت مرضاً أو ماتت , وهذا لا يؤثرُ في القضية أدنى تأثير , لأنَّ العلاجَ لهُ شروطٌ لا بد من توفرها وموانع لا بد من انتفائها حتى يتم الشفاء بالقرآن , ومن أهم هذه الشروط أن يشاء الله شفاء المَرقي بالقرآن , ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلمَ امتنع شفاءه بالقرآن وهو في مرض موته خلافاً لما أنكرتهُ قبلُ.؟

ولو عاملناك يا بلفاع بمقتضى ما يثبته العلمُ الحديثُ والمعاينةُ الحسيةُ وحدها لأثبتنا لك أنَّ القرآن لا يشفي أمراض القلوب والنفاق والرياء والحسد والجهل وغيرها بدليل أنَّ محاريب المساجد ومنابرها وإذاعات القرآن ومجالس العلماء لا تزالُ تهتزُّ بالآيات والنُّذر ومع ذلك يحصل أن يكون بعض المصلين أو المستمعين أو حاضِروا هذه الدروس سُرَّاقاً وأكلةَ رباً وزُناةً ومرائينَ وحاسدينَ ومتكبرينَ وغير ذلك, فأين شفاءُ القرآن لما في صدور هؤلاء المؤمنين.؟

هذا كلهُ يثبتُ لك أنَّ القضيةَ متعلقةٌ بشروط وموانع شأنها شأنُ الاستشفاء البدني تماماً.

وبالنسبة لقولك:

يجب أن نعي جيدا لماذا قرأ الرسول على نفسه هذه المعوذتين .. ؟؟

نرجع قليلا إلى الوراء .. و في سورة .. (ص)

فعندما ابتلى الله سيدنا أيوب بالمرض ما قال و ما ذا طلب .. ؟ قال:

وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ [صـ: 41]

و قال أيضا:

وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء: 83]

فسيدنا أيوب طلب من خالقه أن يحميه من كيد الشيطان لأن الشيطان يتربص و يتسلط على الإنسان أثناء مرضه و يكثف من وسوسته حتى يسقط ذلك العبد في القنوط .. و على هذا الأساس فسيدنا أيوب أو رسولنا الكريم محمد هلى الله عليه و سلم .. إلتزما بهذه الوصفة كي يبعد الله الشيطان عنهم .. لأن الله هو الوحيد الذي يستطيع ان يبعد عنهم هذا العدو الخطير .. و لا يبتعد من الإنسان إلا بقراءة القرآن عليه لأنه (الشيطان) لا يتحمل سماع كلام الله .. فهذا هو السبب الرئيسي في قراءة القرآن .. لأن خطورة و كيد الشيطان و وسوسته .. أكبر من خطورة المرض .. نعم يا أخي هذا هو الأصل ..

و سيدنا أيوب قد قال و نادى ربه:

أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

فهو يدعو خالقه و يناجيه .. و يقول له أن هذا الضر الذي سلطه الله عليه لا يشفيه إلا الله وحده (طبعا مع الأخذ بالأسباب في العلاج) .. و الله تعالى يعلمنا من خلال هذه القصة أن نلتجأ .. ونتيقن ... و نتوكل على الله قبل التوكل على الطبيب و الدواء ... إلخ

فهذا هو المراد من القصة .. و الدليل أن الله تعالى قال لنا في نهاية الآية أن هذه الوصفة العلاجية (ذكرى للعابدين)

فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء: 84]

و الله المستعان على ما أقول و أستغفر الله لي و لكم و السلام عليكم

يا أخي: هذا قياسٌ لم تُسبَق إليه في أنواع الأقيسة , فما صلةُ رقية عائشة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقصة نبي الله أيوب.؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير