(صحيح) (أرسلت إلى رسول الله صل1 بعض بناته: أن صبيا لها ابنا أو ابنة (وفي رواية أميمة بنت زينب) قد احتضرت فاشهدنا قال: فأرسل إليها يقرؤها السلام ويقول: (إن لله ما أخذ و [لله] ما أعطى وكل شيء عنده إلى أجل مسمى فلتصبر ولتحتسب). . الحديث.
قلت: وهذه الصغية من التعزية وإن وردت فيمن شارف الموت فالتعزية بها فيمن قد مات أولى بدلالة النص ولهذا قال النووي في (الأذكار) وغيره: (وهذا الحديث أحسن ما يعزى به).
الثاني: (حسن) قوله صل1 للمرأة الأنصارية رض11 يعزيها بولدها: أما إنه بلغني أنك جزعت على ابنك فأمرها بتقوى الله وبالصبر فقالت: يا رسول الله [ما لي لا أجزع و] وإني امرأة رقوب لا ألد ولم يكن لي غيره؟ فقال رسول الله صل1: الرقوب: الذي يبقى ولدها ثم قال: (ما من امرئ أو امرأة مسلمة يموت لها ثلاثة أولاد [يحتسبهم] إلا أدخله الله بهم الجنة).
فقال عمررض1 وهو عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم: بأبي أنت وأمي واثنين؟ قال: (واثنين).
الثالث: (صحيح) قوله صل1 حينما دخل على أم سلمة رض11 عنها عقب موت أبي سلمة: (اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه).
الرابع: قوله صل1 في تعزيته عبد الله بن جعفر في أبيه: (اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه) (قالها ثلاث مرات). يأتي بتمامه في المسألة التالية.
- ولا تحد التعزية بثلاثة أيام لا يتجاوزها بل متى رأى الفائدة في التعزية أتى بها فقد ثبت عنه صل1 أنه عزى بعد الثلاثة في حديث عبد الله بن جعفر رض2ا قال: (صحيح) (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثة وقال: (فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة).
فلقوا العدو فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل ثم أخذها عبد الله فقاتل حتى قتل ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه وأتى خبرهم النبي صل1 فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: (إن إخوانكم لقوا العدو وإن زيدا أخذ الراية فقاتل حتى قتل واستشهد ثم. . . ثم. . . ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله عليه).
فأمهل ثم أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم ثم أتاهم فقال: (لا تبكوا على أخي بعد اليوم ادعوا لي ابني أخي قال: فجيء بنا كأنا أفرخ فقال: ادعوا لي الحلاق فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا ثم قال: (أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب وأما عبد الله فشبيه خلقي وخلقي).
ثم أخذ بيدي فأشالها فقال: (اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه). قالها ثلاث مرات.
قال: فجاءت أمنا فذكرت له يتمنا وجعلت تفرح له. فقال: (العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة؟).
- وينبغي اجتناب أمرين وإن تتابع الناس عليهما:
أ - الاجتماع للتعزية في مكان خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد.
ب - اتخاذ أهل الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء؛وذلك لحديث جرير بن عبد الله البجلي رض1 عنه قال:
(صحيح) (كنا نعد (وفي رواية: نرى) الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة).
قال النووي رح1 في (المجموع) (5/ 306): (وأما الجلوس للتعزية فنص الشافعي والمصنف وسائر الأصحاب على كراهته قالوا: يعني بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من اراد التعزية قالوا: بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها).
ونص الإمام الشافعي رح1 الذي أشار إليه النووي رح1 في كتاب (الأم) (1/ 248):
وأكره المآتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤنة مع ما مضى فيه من الأثر).
كأنه يشير إلى حديث جرير هذا قال النووي رح1: (واستدل له المصنف وغيره بدليل آخر وهو أنه محدث).
وكذا نص ابن الهمام رح1 في شرح الهداية (1/ 473) على كراهة اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت وقال: (وهي بدعة قبيحة) وهو مذهب الحنابلة كما في (الإنصاف) (2/ 565).
وإنما السنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاما يشبعهم لحديث عبد الله بن جعفر رض1 قال:
(حسن) لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم أمر يشغلهم أو أتاهم ما يشغلهم).
قال الإمام الشافعي رح1 في (الأم) (1/ 247): (وأحب لجيران الميت أو ذي القرابة أن يعملوا لأهل الميت في يوم يموت وليلته طعاما يشبعهم فإن ذلك سنة وذكر كريم وهو من فعل أهل الخير قبلنا وبعدنا).ثم ساق الحديث المذكور عن عبد الله بن جعفر.
- ويستحب مسح رأس اليتيم وإكرامه لحديث عبد الله بن جعفر رض1 قال:
(حسن) (لو رأيتني وقثم وعبيد الله بن عباس ونحن صبيان نلعب إذ مر النبي صلى الله عليه وسلم على دابة فقال: ارفعوا هذا إلي قال: فحملني أمامه وقال: لقثم: ارفعوا هذا إلي فحمله وراءه وكان عبيد الله أحب إلى عباس من قثم فما استحى من عمه أن حمل قثما وتركه قال: ثم مسح على رأسي ثلاثا وقال كلما مسح: (اللهم اخلف جعفرا في ولده).
قال: قلت لعبد الله: ما فعل قثم؟ قال: استشهد قال: قلت: والله أعلم ورسوله بالخير. قال: أجل).ا. هـ بتصرفٍ وترتيبٍ قَلِيلَيْنِ.
بارك الله بك على هذه المنافع وهذه المذاكرة. ومما يؤسف له أن عرف العزاء في بلادنا ليس فيه سنة فإنهم يجتمعون على العزاء ثلاثة أيام ولا يستنكف عن هذه العادة أحد حتى المشايخ وطلبة العلم. بل إني رأيتهم أحرص عليها من بعض العامة وهذا بلاء طام لا ينزعه إلا القدوة من أهل العلم ولا حول ولا قوة إلا بالله.