تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويؤيد الوجوب الحديث الذي رواه مسلم عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه أتى النبي ? فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال له رسول الله ?: ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت فأذهبه الله عني. [رواه مسلم 2203 وأحمد في المسند 4/ 216].

• معنى الاستعاذة

كلمات الاستعاذة غير لفظ الجلالة هي:

1 - أعوذ:

ومعنى أعوذ بالله: أي أمتنع به وأعتصم به وألجأ إليه، ومصدره العوذ والعياذ والمعاذ وغالب استعماله في المستعاذ به ..

ومنه قوله ? لقد عذت بمعاذ.

[قاله لما أوتى بالجونية امرأة من بني الجون رواه أحمد 3/ 498 وسنده صحيح].

وأصل اللفظة من اللجأ إلى الشيء والاقتراب منه ..

ومن كلام العرب: أطيب اللحم عوذه: أي الذي قد عاذ بالعظم واتصل به .. وقولهم: ناقة عائذ: يعوذ بها ولدها.

فالاستعاذة هي الالتجاء إلى الله تعالى والالتصاق بجنابه من شر كل ذي شر .. والعياذة تكون لدفع الشر، واللياذ لطلب وجلب الخير، كما قال المتنبي:

يا من ألوذ به فيما أؤمله ** ومن أعوذ به ممن أحاذره

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ** ولا يهيضون عظما أنت جابره

ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أي أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي أو يصدني عن فعل ما أمرت به أو يحثني على فعل ما نهيت عنه فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله ..

ولهذا أمر تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجن لأنه لا يقبل رشوة ولا يؤثر فيه جميل لأنه شرير بالطبع ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه.

2 - باء الاستعانة في لفظ الجلالة:

الباء المصاحبة للفظ الجلالة من قولنا: أعوذ بالله، هي باء الاستعانة أي استعين بالله في إعاذتي من الشيطان الرجيم.

قال الشيخ ابن عثيمين: الاستعاذة من الأمور الخفية لا تكون إلا بالله لأنه لا يقدر عليها إلا الله كالاستعاذة من الشياطين ..

والاستعاذة من الأمور الحسية تكون بالله وبغيره، بشرط أن يكون المستعاذ به قادرا على الاستعاذة، أما إذا كان غير قادرا فلا ..

فلو استعاذ الإنسان بصاحب القبر من شخص تسور عليه بيته فهذا شرك!

ولولا اعتقاد هذا المستعيذ بأمر خفي سري يعتقده في هذا القبر ما فعل ..

ولو استعاذ هذا الرجل بجاره حين قفز عليه السارق جاز فعله ..

ولهذا جاء في حديث الصحيحين لما ذكر ما ذكر من الفتن قال: من وجد معاذا فليعذ به.

[الحديث في الصحيحين رواه البخاري 3601 ومسلم 2886 عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ومن يشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به].

والاستغاثة الخفية أو الحسية نفس حكم الاستعاذة .. اهـ

3 - السميع العليم:

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله – في شرح بلوغ المرام (2/ 49):

السميع: أي المتصف بالسمع، وسمع الله تبارك وتعالى نوعان: سمع إجابة وسمع إدراك، وهو في هذا يشمل الأمرين جميعاً ..

العليم: أي ذو العلم .. وعلم الله تبارك وتعالى محيط بكل شيء جملة وتفصيلاً سابقاً ولاحقاً وحاضراً وهو من صفات الكمال .. وإنما ذكر هذان الاسمان لأن السميع بمعنى المجيب مناسب لقولك: أعوذ .. والعليم كذلك مناسب لقولك: أعوذ لأن ما من معيذ إلا وعنده علم كيف يعيذ.

وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان:

قوله: ? فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ? أتى بالألف واللام في: السميع العليم .. لمزيد التأكيد والتعريف والتخصيص لأن سياق ذلك بعد إنكاره سبحانه على الذين شكوا في سمعه لقولهم وعلمه بهم ..

كما جاء في الصحيحين [البخاري 7521 في كتاب التوحيد ومسلم 2775] من حديث ابن مسعود قال: اجتمع عند البيت ثلاثة نفر قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فقالوا: أترون الله يسمع ما نقول؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير