ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[17 Jun 2009, 04:54 م]ـ
الفقرة الخامسة: قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
(ومن عرف الحق عرف أن الأئمة رحمهم الله أنهم أولى بالصواب من ابن حزم وأن ما شنع عليهم هم أولى بالصواب منه فيه وأنه هو حمل عليهم وهم أولى بالخير منه وأعلم بالدين منه وأعمق فهماً لنصوص الكتاب والسنة منه وهذا باب كثير).
مثل هذا الإطلاق غير سائغ في نظري لأن بعض المسائل التي شنع بها الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى على الأئمة عليهم رحمة الله تعالى كان الصواب بحسب الراجح من الأدلة معه لا معهم وذلك بشهادة أهل العلم والمحققين من العلماء، وقد أفردت تلك المسائل التي انفرد بها عن الأئمة وشنع عليهم فيها فتارة يكون الصواب معه وتارة معهم، وهذا كباقي الأئمة فإن لكل واحد منهم مسائل انفرد بها عن باقي المذاهب وليست بالقليلة، وبعضها يكون الصواب معه والبعض الآخر يجانبه الصواب، وهذه حال غير المعصوم مطلقا. والله تعالى أعلم.
واسمع قول الإمام الشوكاني وإنصافه رادا على الإمام النووي في قوله بأن خلاف داود الظاهري لا يعتد به في الإجماع قال رحمه الله تعالى: (وعدم الاعتداد بخلاف داود، مع علمه، وورعه، وأخذ جماعة من الأئمة الأكابر بمذهبه، من التعصبات التي لا مستند لها إلا مجرد الهوى والعصبية، وقد كثر هذا الجنس في أهل المذاهب، وما أدري ما هو البرهان الذي قام لهؤلاء المحققين حتى أخرجوه من دائرة علماء المسلمين؛ فإن كان لما وقع منه من المقالات المستبعدة؛ فهي بالنسبة إلى مقالات غيره المؤسسة على محض الرأي، المضادة لصريح الرواية في حيز القلة المتبالغة؛ فإن التعويل على الرأي، وعدم الاعتناء بعلم الأدلة قد أفضى بقوم إلى التمذهب بمذاهب لا يوافق الشريعة منها إلا القليل النادر، وأما داود فما في مذهبه من البدع التي أوقعه فيها تمسكه بالظاهر، وجموده عليه هي في غاية الندرة، ولكن لهوى النفوس سريرة لا تعلم). ()
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[20 Jun 2009, 01:16 م]ـ
الفقرة السادسة: قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
(فابن حزم يقول لا يجوز اجتهاد أحد كائناً ما كان ولا يجوز أن يتكلم في حكم إلا بنص من كتاب أو سنة أما من جاء بشيء لم يكن منصوصاً في الكتاب ولا السنة فهو مشرع ضال، ويزعم أن ما ألحقه الأئمة من الأحكام المسكوت عنها واستنبطوها من المنطوقات أن كل ذلك ضلال)
هذا الإطلاق من الشيخ رحمه الله تعالى سهو منه فابن حزم رحمه الله تعالى لا ينكر الاجتهاد بل يقر به ويحث عليه، ولكنه يفرق بين الاجتهاد والقياس كما هو الواقع في حقيقة الأمر، ومما قال في شأن الاجتهاد: (والاجتهاد ليس قياسا ولا رأيا وإنما الاجتهاد إجهاد النفس واستفراغ الوسع في طلب حكم النازلة في القول والسنة فمن طلب القرآن وقرأ آياته وطلب في السنن وقرأ الأحاديث في طلب ما نزل به فقد اجتهد فإن وجدها منصوصة فقد أصاب فله أجران أجر الطلب وأجر الإصابة وإن طلبها في القرآن والسنة فلم يفهم موضعها منهما ولا وقف عليه وفاتت إدراكه فقد اجتهد فأخطأ فله أجر ..
ولا شك أنها هنالك إلا أنه قد يجدها من وفقه الله لها ولا يجدها من لم يوفقه الله تعالى لها كما فهم جابر وسعد وغيرهما آية الكلالة ولم يفهمها عمر وكما قال عثمان في الأختين بملك اليمين أحلتهما آية وحرمتهما آية فأخبر أنه لم يقف على موضع حقيقة حكمهما ووقف غيره على ذلك بلا شك ومحال أن يغيب حكم الله تعالى عن جميع المسلمين وبالله تعالى التوفيق) ()
الفقرة السابعة: قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
(ويستدل بعشرات الآيات إن لم تكن مئات الآيات فلا تقل عن عشرات الآيات يقول الله قال:" اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء " () والمقاييس لم تنزل علينا من ربنا، ويقول " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وان اهتديت فيما يوحى إلي ربي" () فجعل الهدى بخصوص الوحي لا بخصوص المقاييس. ويقول "وأن احكم بينهم بما أنزل الله " () والمقاييس لم تكن مما أنزل الله ويقول " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" "فأولئك هم الظالمون" "فأولئك هم الفاسقون" () والقياس لم يكن مما أنزل الله ويأتي بنحو هذا من الآيات في شيء كثير جدا.
¥