ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[16 Jun 2009, 06:54 م]ـ
أهديك من مشاركة سابقة قصة الشيطان في بدر
قال تعالى: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال-48]
فأنت ترى في الآية التزيين هنا شيء خاص بأعمالهم حيث حثهم على الذهاب لمقاتلة المسلمين. ثم ماذا؟
ثم قول الشيطان لهم حقيقة على لسان بشر (هو سراقة بن مالك بن جعشم) قال (وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ)
ثم لما أوردهم المهالك ورأى بعينيه جند الله ماذا فعل؟ (فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ) والنكوص الرجوع والتقهقر فرارا مما رأى.
فلابد من الفصل بين فعل التزيين، وبين القول، والرؤية للفريقين، وبين الحركة وهي النكوص والهروب من ساحة القتال ..
- فقوله تعالى (زين لهم) أي الخروج وهذه وسوسة داخلية قبل خروجهم ..
_ وقوله (لا غالب لكم) وهذا لا يكون إلى بصوت مسموع يحثهم على القتال وبيانه فيما بعده.
_ وقوله (إني جار لكم) وفي ذلك أكبر دليل إذ أنهم أخذوا موثقا من مجير يجيرهم من بني بكر إذا خرجوا، وكانت قريش تخاف من بني بكر أن يأتوهم من ورائهم فتعهد لهم بذلك، فإن لم يكن لا وجود له إلى في الحس والخيال فيكون هذا من أبطل الباطل.
- وقوله (فلمنا تراءت الفئتان) هذه رؤية بصرية ولا شك أن الشيطان في فريق الكفار فيأخذ نفس الحكم في الرؤية متمثلا بشخص كما هو ظاهر من النصوص.
– وقوله (نكص على عقبيه) وهو هروبه من المعركة لما رأى الملائكة، وهذا النكوص بيان لفعل حركي مرئي، ولو لم يكن كذلك لكان في وصفه بالنكوص في مثل هذه الحالة لا معنى له.
فأرجوا أن ترتب كل فعل وقول وحركة لما يناسبها في السياق القرآني، وإلا فما فائدة بيان أنه نكص على عقبيه وهرب إن لم يكن معهم حقيقة متصورا بشخص كما صحت به الأخبار ..
وإن كنت تحكم رأيك في فهم النصوص، فنحن نحكم نصوص أخرى عن الصحابة والتابعين الذين هم أقرب لنزول القرآن من أجيال أخر تلتهم ..
ثم اتباع سبيل أهل التخصص من كبار المفسرين والمحدثين الذي أنار الله بصائرهم.ز
فمما جاء من آثار في تفسير هذه الآية:
ما جاء عن ابن جريج عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر سار إبليس برايته وجنوده مع المشركين وألقى في قلوب المشركين أن أحدا لن يغلبكم وإني جار لكم فلما التقوا ونظر الشيطان إلى إمداد الملائكة نكص على عقبيه أي رجع مدبرا ..
وعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال:
جاء إبليس يوم بدر في جند من الشياطين معه رايته في صورة رجل من بني مدلج في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فقال الشيطان للمشركين لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم، فلما اصطف الناس أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من التراب فرمى بها في وجوه المشركين فولوا مدبرين وأقبل جبريل عليه السلام إلى إبليس فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين انتزع يده ثم ولى مدبرا وشيعته فقال الرجل: يا سراقة أتزعم أنك لنا جار؟ فقال: إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب، وذلك حين رأى الملائكة.
وعن عروة بن الزبير قال:
لما أجمعت قريش المسير ذكرت الذي بينها وبين بني بكر من الحرب فكاد ذلك أن يثنيهم فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي وكان من أشراف بني كنانة فقال أنا جار لكم أن تأتيكم كنانة بشيء تكرهونه فخرجوا سراعا ..
قال محمد بن إسحاق: فذكر لي أنهم كانوا يرونه في كل منزل في صورة سراقة بن مالك لا ينكرونه حتى إذا كان يوم بدر والتقى الجمعان كان الذي رآه حين نكص الحارث بن هشام أو عمير بن وهب فقال أين سراقة أين؟ وميل عدو الله فذهب قال فأوردهم ثم أسلمهم قال ونظر عدوا الله إلى جنود الله قد أيد الله بهم رسوله والمؤمنين فنكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون وصدق عدو الله .. وقال إني أخاف الله، والله شديد العقاب.
¥