عدونا الأول والأخير هو الشيطان لعنه الله إن نحن تمكنا من الانتصار عليه فإننا لا محالة سننتصر على كل أوليائه لأنه هو بؤرة الشر ومنشأ كل المصائب والويلات التي تصيب البشرية ...
بحثنا عن صفات عدونا الشيطان يجب أن يكتمل بتتكاثف الجهود في شتى الاختصاصات ...
وفي بحثنا هذا نود أن نصل إلى صورة حقيقية -ولو جزئية- عن عالم الجن، الذي يشاركنا تفاصيل حياتنا، إنطلاقا من القرآن الكريم والحديث الشريف ثم العلوم التي تراكمت عبر الحقب ...
الخلاف الأساسي القائم بين العلماء المسلمين منذ عهد قديم هو حول نقطة مركزية: مشاركة الشيطان هل هي مجرد وساوس وتزيين ... أم أنها تتعدى ذلك إلى مشاركة مادية فعلية؟
حينما يقول لنا الشرع أن الشيطان يبيت معنا ويأكل معنا ويجامع معنا (طبعا إن لم نسم) ويجري منا مجرى الدم ويشاركنا الأموال والأولاد ويصيبنا بالأمراض و ... و ... هل هذه المشاركة حقيقية أم مجازية ... هذا جزء من المشكلة.
ولنرجع لكلمة الجن غيب حتى لا نشتت موضوع المشاركة
كلمة "غيب" تتضمن عدة مستويات: الساعة غيب، والملائكة غيب والأحداث التي وقعت في الماضي غيب والأحداث المستقبلية غيب أيضا والأحداث التي تقع في شتى أنحاء الكرة الأرضية في هذه اللحظة غيب بالنسبة لبعض البشر ... نحن لا نعرف ما ذا يحدث الآن في غزة أو في السجون الإسرائيلية وهذا غيب بالنسبة لك ولي، ...
هناك غيب مطلق لا يمكننا معرفته بنص القرآن كالساعة وماذا تكسب غدا وفي أي أرض تموت ووقت موتك ...
وهناك غيب جزئي يعلمه البعض وهو غيب بالنسبة للبعض الآخر كالأحداث التاريخية الماضية ...
الذرة مثلا كانت غيبا لعهود طويلة لكن بعد أن اكتشفها العلماء لم تعد غيبا ... نفس الشيء بالنسبة لأشياء أخرى كثيرة في الماضي القريب كانت غيبا لكن في الحاضر أصبح جزء منها ضمن عالم الشهادة ...
كلمة غيب بالنسبة للجن تعني غائبة عن بعض حواسنا أو إدراكنا ... لكن بإمكاننا أن نراهم إن سمح الله لنا بذلك طبعا كما سمح لبعض الحيوانات برؤيتهم كالكلاب والحمير وهذا يعني أنها ليست غيبا مطلقا ...
هل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الناس يعرفون الذرة؟؟ ألم تكن غيبا بالنسبة إليهم؟ ألم تكن غائبة عن حواسهم وإدراكاتهم ...
ما معنى كلمة غيب؟ الجواب التفصيلي على هذا السؤال يحل الكثير من المشاكل التي يتخبط فيها العديد من الناس ونحن من ضمنهم طبعا ...
ننبه أيضا أن معظم الناس يجهلون تماما معنى كلمة "غيب" كما وردت في القرآن والسنة النبوية المشرفة.
التعريف الذي أوردته في مداخلتي هو تعريف لغوي لكنه لا يخرج عما ورد في القرآن والسنة، وأدلة ذلك تجدونها فيما يلي:
يتميز المسلم عن الكافر بالإيمان بالغيب الذي لم يره ولم يشاهده وإنما يؤمن به لخبر الله وخبر رسوله فهذا الإيمان هو تصديق مجرد لله ورسله سواء شاهده أو لم يشاهده وسواء فهمه وعقله أو لم يهتد إليه عقله وفهمه بخلاف المكذبين للأمور الغيبية؛ لأن عقولهم القاصرة المقصرة لم تهتد إليها فكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ففسدت عقولهم ومرجت أحلامهم وزكت عقول المؤمنين المصدقين المهتدين بهدى الله.
ويدخل في الإيمان بالغيب - أحوال الآخرة وحقائق أوصاف الله وكيفيتها، وما أخبرت به الرسل من ذلك ... والإيمان بجميع ما أخبر الله به من الغيوب الماضية والمستقبلية أي كل الأمور التي سبقت ولم نرها والتي ستحدث في المستقبل ولن نشاهدها - حتى الأمور التي في وقتنا لكنها بعيدة عنا ولا سبيل لنا للوصول إليها ومعرفتها هي غيب بالنسبة لنا، متى أو أين يسقط المطر؟ ماذا تحمل هذه الأنثى أو تلك؟ ما رزقك متى تموت كلها أمور غيبية ...
لكن ليس كل ما قيل عنه أنه غيب هو غيب بالفعل لأن من معاني الغيب ما غاب عنك في لحظة من الزمن ولكنه لم يغب في لحظة أخرى أو عن أناس آخرين. قال تعالى: " حافظات للغيب " أي: مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب، تحفظ بعلها بنفسها، وماله، وذلك بحفظ الله لهن، وتوفيقه لهن. فالغيب تعني هنا الغياب عن المكان وعدم التواجد فيه. . والمغيبة هي المرأة التي غاب عنها زوجها (حافظات للغيب) صائنات لنفوسهن في غيبة أزواجهن كما يصنها في حضرتهم.
فالغيب بالمعنى العام هو كل ما غاب عن الناس علمه. والشهادة هي كل ما يظهر ويشاهد ويعلم من الناس
- غيب حدث في الماضي:
¥