قال الذهبي: ولذا لم أره يتكلم على أحاديث، حجة بعضها جيدة وبعضها واهٍ. اهـ
[انظر مختصر المستدرك في التعليق على أول حديث للحاكم]
وماذا يعني هذا؟ يعني أنه تكلم عن الأحاديث الأخرى التي صححها الحاكم فضعف منها، ووافقه على تصحيح بعضها ..
فإذا كان يعلق على ما سكت عنه الحاكم، فمن باب أولى أن تعليقه على ما صححه الحاكم ونقل تصحيحه من باب الموافقة، خلا الأحاديث التي تعقبه فيها.
وأقوى من هذا وذاك ..
نص مقدمة مختصر المستدرك والتي قيل أنها ليست للذهبي، وقد يكون صحيحا ولا نتجاذب في ذلك، ولكن لماذا لا نتحاكم إليها؟ وقد كتبت في عصر المؤلف أو في عصر تلاميذه على أقل تقدير، وهذا نصها:
" هذا ما لخص محمد بن أحمد بن عثمان ابن الذهبي من كتاب المستدرك على الصحيحين للحافظ أبي عبد الله الحاكم رحمه الله، فأتى بالمتون، وعلق الأسانيد، وتكلم عليها ". اهـ
ونتأمل هذا الترتيب في عمل الذهبي على المستدرك:
(1) فأتى بالمتون (2) وعلق الأسانيد (3) وتكلم عليها.
وما يخصنا هنا الأمر الثالث وهو قول صاحب المقدمة [وتكلم عليها] وأنتم ما زلتم تقولون بأنه ما هو إلا مختصر برغم ما ترون فيه من تعليق من أول الكتاب إلى آخره ..
زيادة مهمة:
ومما جاء عن الإمام الزيلعي في نقله لإقرار شيخه الإمام الذهبي لتصحيح الحاكم ..
وتسميتها تصريحا بالإقرار:
ما جاء في كتابه تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري، وهي في مواطن عدة، أذكر منها:
في (2/ 160): ذكر حديث أسماء الكواكب التي رآها يوسف عليه السلام وقال:
رواه الحاكم وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي عليه.
وفي (4/ 43) عند حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه قال خطبنا رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فأقبل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران .. الخ
وقال: وكذلك رواه ابن حبان ... والحاكم في مستدركه في موضعين فرواه في الجمعة وقال حديث صحيح على شرط مسلم ورواه في كتاب اللباس وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي، وهو مما ينتقد عليه، فإن الحسين بن واقد احتج به مسلم فقط.
وفي (1/ 170) ذكر حديثا وقال بعده:
ووهم الحاكم في مستدركه فقال في باب فضائل القرآن: وقد خرج مسلم رحمه الله حديث أبي مالك الأشجعي عن ربعي بن حراش عن حذيفة أن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال: أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش. انتهى
وهذا وهم وإنما روى مسلم بهذا الإسناد أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال: فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء وذكر خصلة أخرى. انتهى بحروفه في الصلاة ..
فلذلك عدلت عنه إلى لفظ النسائي فإنه أقرب إلى لفظ الكتاب ..
وعجبت من شيخنا الذهبي!! كيف لم يتعقبه في مختصره، وأصحاب الأطراف جعلوه حديثا واحدا وعزوه لمسلم والنسائي على عادتهم في الرجوع إلى أصل الحديث دون مراعاتهم لاختلاف ألفاظه.
انتهى من الزيلعي.
قلت:
فأما الحديث الأول:
فرواه الحاكم في المستدرك (4/ 438) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وسكت عنه الذهبي في التلخيص .. فلا أدري وجه إقراره الذي حكاه الزيلعي!!
فإما أنه عنده في نسخته إقرار الذهبي على تصحيح الحاكم، أو أنه يسمي سكوته إقرار، وهذا الأخير ليس بمطرد فكثيرا ما يقول وسكت عنه شيخنا أو لم يعلق عليه وهكذا .. فالله أعلم.
والحديث حكم ابن الجوزي بوضعه، وقوى السيوطي سند الحديث عند الحاكم وتابعه على هذا الشوكاني في الفوائد المجموعة وابن عراق الكناني في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة (1/ 218) والزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف (2/ 161)
وقال الذهبي في تلخيص كتاب الموضوعات لابن الجوزي (1/ 6): الحكم قال ابن حبان يروي عن الثقات الموضوعات. فكأنه لا يعلم برواية الحاكم، وهذا فيه إشارة إلى أنه ألف مختصر المستدرك بعد مختصر الموضوعات، وها محتمل والله أعلم.
وأما الحديث الثاني: فرواه الحاكم في المستدرك (1/ 424) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه وهو أصل في قطع الخطبة والنزول من المنبر عند الحاجة.
وقال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم.
¥