فكيف يؤخذ من هذه الجملة ما ادعاه وقرره؟ أليس من الواضح أنه اختصره كله وعقب على ما تراءى له وقتئذ، ولما فتح الله عليه أشار إلى أنه في حاجة إلى تحرير، وذلك لتغير اجتهاد الحافظ وإطلاعه على جل تراجم الرواة في موسوعاته التي ألفها بعد اختصار المستدرك .. أيهما أوضح؟
الخامس: أنه يستدل بكتب بعيدة عما صححه الحاكم ووافقه الذهبي عليها، ويريد أن يثبت من عدم ذكرهم لموافقة الذهبي للحاكم حجة لما ادعاه ..
فذكر كتاب ابن الملقن ولم يذكر اسمه حتى لا يهدم استشهاده به، وكتابه اسمه (النكت اللطاف في بيان أحاديث الضعاف المخرجة في مستدرك الحافظ النيسابوري) وموضوعه يظهر من عنوانه، فهو لم يتعرض للصحيح الذي صححه الحاكم ووافقه الذهبي وإنما للضعيف كما هو في العنوان، ولعلي بعد أن أحصل على نسخة منه أحكم أكثر على مراده.
وممن ذكرهم أيضا: السخاوي في المقاصد الحسنة وابن عراق في تنزيه الشريعة .. وهما كتابان في الموضوعات والأباطيل، فكيف به يريد منهما نقل تصحيح الذهبي؟؟ هذا غريب وعجيب.
على أنه ذكر حديث: " الرسول لا يقتل " ونقله السخاوي وأقر الحاكم على تصحيحه على شرط مسلم، فلماذا لا تكون هذه الثقة مأخوذة من معرفته بإقرار الإمام الذهبي؟
والحديث رواه الحاكم في المستدرك (3/ 54 رقم 4377) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال الذهبي قي التلخيص: على شرط مسلم.
السادس: قال أن أول من ابتدع! هذه الفكرة (وهي موافقات الذهبي للحاكم) المناوي!!
كذا قال: وقد نقلنا عن الزيلعي تلميذ الذهبي فيما سبق نقله لموافقة الذهبي للحاكم ..
السابع: وهو قوله: " وكثيرا من الأحاديث المضعفة التي لا تخفى عليه (أي الذهبي) لو بحثها أو راجعها في كتب الرجال أو كتابه ميزان الاعتدال الذي أرجح انه أُلف بعده " اهـ
فلا أدري معنى " ألف بعده " هل أراد أن مختصر المستدرك ألف بعد ميزان الاعتدال؟ وما هو دليله على ذلك؟
وإن أراد أن الميزان ألف بعد المختصر فبطل رأيه حينئذ وعاد عليه ..
هذه باختصار بعض الشبهات التي أوردها أبو صهيب الكرمي، وبعضها الآخر رددنا عليه ضمن ردنا الأول ..
فخلاصة هذا المقال:
أن العلماء الذين قالوا بإقرار الذهبي للحاكم فيما صححه ونقله الذهبي هو قول صحيح لما قد بيناه أعلاه ..
وأن سكوت الذهبي لا يعد حكما فيتحرز من هذا، فيقال صححه الحاكم وسكت عنه الذهبي، وقد يكون سكوته لتكرار الحديث أو لتوقفه في الحكم عليه أو ما هو من هذا القبيل.
ومن الضروري هنا أن نبين، أنه علينا عدم متابعة الحاكم في التصحيح ولا إقرار الذهبي عليه أيضا، لما علمنا أن اختصار الذهبي متقدم بزمن عما أخرجه من كتب كثيرة في تراجم الرواة.
وأن الذين قالوا هذا القول الجديد، ليس معهم دليل قاطع على دعواهم تلك إلا تخمينات وضعوها من باب صيانة الإمام الذهبي من الوهم والتناقض، ولو وضعوا الأمور في نصابها لأراحونا من هذا الرأي جملة وتفصيلا.
وليتهم اتبعوا نصيحة الإمام الذهبي عندما قال أن المستدرك في حاجة إلى تحرير ومراجعة ..
وأخيراً:
هذا جهد المقل، أعرضه ولا أقطع به، وأحيل الأمر إلى علام الغيوب لحين تخرج لنا دراسة موثقة عن هذا الموضوع وخفاياه الشائكة ..
والله أعلى وأعلم.
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[18 Jul 2009, 04:28 م]ـ
ومما يؤيد ما قلناه في هذا المقال:
قول الإمام الذهبي في السير ردا على الماليني:
بل في المستدرك شئ كثير على شرطهما، وشئ كثير على شرط أحدهما، ولعل مجموع ذلك ثلث الكتاب بل أقل، فإن في كثير من ذلك أحاديث في الظاهر على شرط أحدهما أو كليهما، وفي الباطن لها علل خفية مؤثرة، وقطعة من الكتاب إسنادها صالح وحسن وجيد، وذلك نحو ربعه، وباقي الكتاب مناكير وعجائب .. الخ
وبغض النظر عن الكم لأن قوله " لعل " غير قاطع في ذلك، وقد يكون لبعد عهده بالعمل في الكتاب ..
لكن من الواضح جدا قوله: في المستدرك شئ كثير على شرطهما، وشئ كثير على شرط أحدهما ..
أليس هذا يعد إقرارا - صريحا من كلامه - على إقراره للحاكم في مختصره؟
بل أقوى من هذا في نظري، كلمة الذهبي نفسه في مقدمة مختصره للمستدرك،،
فقال عن الأحاديث التي لم يتكلم عليها الحاكم أثناء تعليقه على أول حديث في كتابه مختصر المستدرك
¥