ثم تخيلت أن الأوائل قالوا بالبناء فعلا، وأن أحد المعاصرين خالفهم فزعم أنها معربة قائلا مثل ما قاله الأوائل حين قالوا إنها معربة!
ألسنا رادين على ذلك المعاصر مبرراته لو أن الأوائل قالوا بالبناء؟
فلنتخيل ـ أخي محمدا ـ أن ذلك المعاصر قال:
1ـ يشترط لبناء المضارع أن تتصل به نون التوكيد اتصالا مباشرا!
ألسنا رادين شرطه عليه قائلين إن الأفعال الخمسة حالة خاصة من المضارع فهي حتى في حال إعرابها لا بد أن يفصل الضمير بين لام الفعل فيها وعلامة الإعراب، ومادام الضمير يفصل بين لام الفعل وعلامة الإعراب حتما فإنه لا بد أن يفصل بين لام الفعل وعلامة البناء حتما حين يحضر موجب البناء وهو نون التوكيد.
وسنستدل على أن اتصال ألف الاثنين وواو الجماعة وياء المخاطبة لا يمنع البناء بأن بناء الأمر من الأفعال الخمسة لم يمتنع لاتصال هذه الضمائر مثل: اكتبوا، قوما، اجلسي.
2ـ ولو قال المعاصر إن المضارع إنما يبنى على الفتح إذا اتصلت به نون التوكيد.
ألسنا رادين قوله بأن المضارع إنما يبنى على الفتح مع التوكيد إذا كان في حال إعرابه يعرب بالحركة والسكون أي إذا لم يكن من الأفعال الخمسة، أما الأفعال الخمسة فكما تعرب بالعلامات الفرعية حال إعرابها (ثبوت النون وحذفها) فمن المنطقي مع التوكيد أن تبنى على علامة فرعية هي حذف النون، وكما بنى الأمر على السكون أوحذف حرف العلة إذا لم تتصل به الألف والواو والياء فإنه إذا اتصلت به ألف الاثنين أوالواو أوالياء بني على حذف النون.
3ـ ولو قال المعاصر إن نون الرفع في مثل: لتكتبُنّ لم تحذف للبناء وإنما حذفت لتوالي الأمثال!
ألسنا رادين قوله عليه بقولنا: ولكن العرب حذفت نون الرفع دون توالي ثلاثة أمثال، فهي تُحذف في مثل: لتكتبُنْ إذْ حذفت هنا مع نون التوكيد الخفيفة ولم يتوال إلا مثلان فقط، وتوالي مثلين لا يوجب الحذف.
وإن شئنا ضيقنا عليه الخناق فقلنا: إذا كنت تزعم أن النون حذفت لتوالي ثلاثة أمثال فأكد لنا الفعلين التاليين بالنون الثقيلة (تتفنّنون، تحنيّن).
وعندما يؤكدهما هكذا: (لتتفنَّنُنَّ، لتحنِّنَّ) سنعلن انتصارنا قائلين: هل يُعقل أن يكون العرب حذفوا النون حتى لا تتوالى ثلاثة أمثال فتوالت بعد حذفها خمسة أمثال كما في الفعل الأول، وتوالت أربعة كما في الثاني؟! دعك من هذا! لا بد أنهم حذفوها لسبب أهم مما تزعم!!!
وعندئذ لن يكون بوسع ذلك المعاصر إلا التسليم بأن علة توالي الأمثال لا تصلح هنا، وأن الرأي رأي الأوائل.
ألا ترى ـ أخي محمدا ـ أنْ لو قال الأوائل بالبناء لما وجدنا عناء في رد قول من قال بالإعراب لو أنه معاصر؟
هذا ما تخيلته فطرحته، وأما القول الذي نعلمه طلابَنا فهو حتما ما ارتضاه علماؤنا حتى لو لم نقتنع به.
وتقبلوا أزكى تحياتي.
نعم ليس كل مايقوله سيبويه او غيره من الاولين صحيحا مئة بالمئة
والله لا ارى مانعا من قولك بالبناء على الحذف للنون وما وضعه الاقدمون ليس ملزما لنا مادامت النتيجة تؤدي لنفس نتائجهم
ـ[علي المعشي]ــــــــ[15 - 12 - 2007, 10:50 م]ـ
أخي الحبيب جلمودا
افتقدتك والله، أين أنت يا رجل؟
أشرق الفصيح بمقدمك، فحياك الله أيها اللبيب الفطن، ولا تنسنا من طرحك الرائع!
نعم ليس كل مايقوله سيبويه او غيره من الاولين صحيحا مئة بالمئة
والله لا ارى مانعا من قولك بالبناء على الحذف للنون وما وضعه الاقدمون ليس ملزما لنا مادامت النتيجة تؤدي لنفس نتائجهم
أختي البنوتة السورية
مرحبا بك، وأتفق معك من حيث المبدأ، ولقد كنت أظن النحاة جميعهم متفقين على الإعراب، فطرحت وجهة نظري على استحياء، لكنْ ـ كما رأيتِ ـ تبين أن ما ظننته بدعة أو وجه نظر خاصة كان رأيا قال به غير واحد من النحاة كما تشير النقول التي تفضل بها أخونا الحبيب بيان فكان في نقله البيان فجزاه الله خيرا، وليرحم الله علماءنا وليجزهم خير الجزاء فما أعظمهم!
لكم خالص ودي.
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[15 - 12 - 2007, 10:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الأمر لا يحتاج إلى كل هذا فالمراد بالأمثال هنا الأمثال الزائدة ويشمل المثلين الزائدين وقد جاء حذف نون الرفع مع نون الوقاية في نحو (أتحاجوني) بتخفيف النون. وهو قياس.
واحتجاج ابن مالك صحيح برجوع نون الرفع في الوقف على النون الخفيفة، ولا يمكن أن تكون هذه النون نون التوكيد، لأنها لو كانت نون التوكيد لظهرت في نحو: لا تذهبُن يا فتيان، إذا وقفنا على النون، ولجاز: لا تذهبونْ، على قاعدة جواز التقاء الساكنين في الوقف فلما كان الوقف عليها: لا تذهبوا، علمنا أن النون التي ترجع هي نون الرفع، ولم ترجع نون الرفع لأن الفعل مجزوم. أما في نحو: هل تذهبُنْ يا فتيان، فترجع النون في الوقف لأن الفعل مرفوع فيقال: هل تذهبون.
وكذلك لو كانت هذه النون هي نون التوكيد لوجب حذف الضمير في الوقف على نحو: هل تذهبُنْ يا فتيان، لأنها إذا ثبتت في الوقف لم يبق فرق بين الوصل والوقف في الحكم.
مع التحية الطيبة.
¥