ـ[ابووهب]ــــــــ[18 - 12 - 2007, 03:55 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله في جميع المشتركين ..
أخي العزيز الأستاذ علي المعشي .. قرأتُ ما كتبتَ، وقد أدهشتني أدلتك المنطقية وأسلوبك الرائع، ولكني لم أرَ إشارةً إلى نحويٍّ من القدماء قد قال ببناء الفعل المضارع مع نون التوكيد مطلقًا سواء كان الاتصال مباشرًا أم غير مباشر .. فظننت بدءًا أنّ النحاة الأولين قد اتفقوا بالإجماع على وجوب إعراب المضارع الذي تتصل به نون التوكيد اتصالاً غير مباشر (مع الأفعال الخمسة)، ولكنني وجدتُ أقوالاً لعلماء كثيرين قد قالوا بهذا الرأي، وأسرد لك بعضها:
نقل ابن عقيل: 1/ 39 عن الأخفش أنه يقول بالبناء مطلقًا.
وقال المبرد في المقتضب: 3/ 20 - 21: «فإذا ثنَّيتَ أو جمعْتَ أو خاطبْتَ مؤنَّثاً فإنّ نظير الفتحِ في الواحد حذْفُ النّون ممّا ذكرتُ لك. تقول للمرأة: (هل تضربِنَّ زيدًا؟) و (لا تضربِنَّ عَمرًا)؛ فتكون النّونُ محذوفةً الّتي كانت في (تضربينَ)».
ونقل أبو حيان في الارتشاف: 1/ 307 عن الزجاج أنه قال بالبناء مطلقًا.
وقال أبو علي في الحجة: 2/ 273 تحقيق هنداوي في حديثه عن قوله تعالى: (ولا تتبعانِّ): «فالنّونُ فيها الشّديدة، وهي إذا دخلتْ على (يفعلُ) فُتِحَ لدخولها، وبُنِيَ الفعلُ معها على الفتح، نحو: (لَتفعلَنَّ)، وتحذف الّتي تثبت في نحو: (يفعلانِ) في الرّفع مع النّون الشّديدة كحذف الضَّمّة في (لَيفعلَنَّ)».
وقال ابن يعيش في شرح المفصل: 9/ 38: «وتقول في المؤنث: (هل تضربِنَّ يا هندُ؟)، الأصل: (تضربينَنَّ)، فحُذفت النون التي هي علامة الرفع للبناء .. ».
وقال ابن الحاجب في شرح الوافية: 425: « ... فلما جاءت نون التأكيد حُذفت نون الإعراب لوجوب البناء بنون التوكيد .. ».
وهذه الأقوال إنما تدل على أنّ النحاة الأوائل لم يغفلوا ما رأيتَه، ولم يجتمعوا على ما خالفتَهم به، ولابن مالك حجة قوية فيما ذهب إليه، وتتمثل حجته في أنّه إذا وُقِفَ على قولنا: (لَتفعلُنْ) ـ بالنّون الخفيفة ـ فإنّ هذه النّون تُحْذَفُ وتحلُّ محلَّها نونُ الرَّفع فيقال: (لَتفعلون) فلو كان مبنيًّا قبل الوقفِ لَبقيَ مبنيًّا بعد عروض الوقف، قال في شرح الكافية الشافية: 1420: «وهذا ممّا يدلّ على أنّ المسند إلى الواو والياء كان قبل الوقف معربًا تقديرًا، إذ لو كان قبل الوقف مبنيًّا لَبقي بناؤه؛ لأنّ الوقف عارضٌ فلا اعتدادَ بزوال ما زال من أجله، كما لا اعتدادَ بزوال ما زال لالتقاء السّاكنينِ، نحو: (هل تذكرَ اللهَ)، والأصل: (هل تذكرَنْ) فحُذِفتِ النّون الخفيفة لالتقاء السّاكنينِ، وبُنِيَتْ فتحةُ الرّاء النّاشئة عن النّون مع كونها زائلةً».
مع تحياتي الخالصة للجميع.
وهل كل مايقوله ابن مالك منزل من حكيم حميد
ـ[علي المعشي]ــــــــ[18 - 12 - 2007, 12:18 م]ـ
حياك الله أخي الكريم وبعد فقد مثلت لك بمثال لا يرد عليه هذه السؤال، ليكن أمامك هذه العبارة: هل تذهبُنْ يا فتيان؟ أليس الفعل مؤكدا؟ بلى، سأطلب الوقف على آخر الفعل من هذه العبارة ذاتها التي فعلها مؤكد، سيكون الوقف عليه: تذهبون.
وكذلك: لا تذهبُنْ يا فتيان، الفعل في هذه العبارة مؤكد فإذا طلب الوقف على آخر الفعل المؤكد قيل: لا تذهبوا.
يعنى المتكلم أو القارئ للعبارة يرى الفعل في النص أمامه بنون التوكيد الخفيفة، ولكنه يقف على آخر الفعل بحذف النون ورد واو الجماعة ونون الرفع عندما يكون الفعل مرفوعا وبرد الواو فقط عندما يكون الفعل مجزوما.
هذا في حال وجود نص مكتوب أما في المشافهة فلو قيل لعربي فصيح قف على آخر (تذهبن) من قولنا: هل تذهبُن يا فتيان لقال: هل تذهبون، ولو قيل له قف على (تذهبن) من قولنا: لا تذهبُنْ يا فتيان لقال: لا تذهبوا، فهو يسمع الفعل المؤكد ومع ذلك يقف عليه بهذه الطريقة، هذا ما نقله لنا علماء اللغة.
مع التحية الطيبة.
حياك الله أستاذي د. الأغر
هذا كلام طيب مطابق لما نقله علماؤنا، وهو يصلح في مجال التدريس حيث النص المكتوب، أوالمشافهة مع طلب الوقف مرة والوصل مرة أخرى، لذلك لا أجد فيه جوابا عن استيضاحي:
أستاذي الكريم، لو سمعتَ أحدهم يقول: (هل تذهبون) أو (لا تذهبوا) بالوقف، ثم سألك سائل: هل الفعلان مؤكدان بالنون المحذوفة أو غير مؤكدين؟ فبم ستجيب؟
إذ ليس بوسعك أن تطلب من القائل أن يصل مرة ويقف مرة أخرى، ثم إن الإشكال قد يرد بصورة أخرى كالتالي:
أريد القول لأصدقائي (هل تذهبُنْ) وليس لدي كلام بعد ذلك فأنا واقف لا محالة، وحسب القاعدة لا بد أن أقف هكذا (هل تذهبون).
ما الذي يدري أصدقائي بأن الفعل مؤكد بالنون دون دليل؟ وما الفائدة الدلالية للتوكيد في هذا الموضع؟
مع خالص ودي.
ـ[بيان محمد]ــــــــ[18 - 12 - 2007, 12:49 م]ـ
السلام عليكم
أستاذ علي حقًّا أنّ ما ذكرته من أمثلةٍ يوهم السامع والمخاطب، ولكن هذه الأمثلة إنْ هي إلاّ تابعة لحكم المؤكد توكيدًا واجبًا بالنون، فإذا أردتَ الوقف على قولك: (واللهِ لتخرجُنْ)، فستقول: (والله لَتخرجون)، فتُعيد نون الرفع والواو، وهنا لا يلتبس على المخاطب أو السامع أنّ المراد هو التوكيد بالنون، ولكن العرب حذفوا النون عند الوقف وأعادوا إلى الفعل نون الرفع التي حذفوها لتوالي الأمثال كما عللوا من قبل .. وعلى هذا بنى النحويون حكمهم على ما أشبه هذا المثال من أفعال مؤكَّدة توكيدًا جائزًا .. والله أعلم.
وكل عامٍ والجميع بخير وسعادة ..
¥