تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإذا كان كذلك جاز فيه النصب، أو أن يجر بحرف التعليل، لكن الأكثر فيما تجرد من الألف واللام والإضافة النصب نحو: ضربت ابني تأديباً، ويجوز جره، فتقول: ضربت ابني لتأديبٍ ([3]).

وعلة نصبه عند سيبويه أنه موقوع له وتفسير لما قبله لم كان؟ .. قال ([4]): " هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه عذر لوقوع الأمر فانتصب، لأنه موقوع له، ولأنه تفسير لما قبله لم كان؟. وليس بصفةٍ لما قبله ولا منه، فانتصب كما انتصب الدرهم في قولك: عشرون درهماً، وذلك قولك: فعلت ذاك حذار الشر، وفعلت ذلك مخافة فلان، وادخار فلان .. وقال الشاعر وهو حاتم بن عبد الله الطائي:

واغفر عوراء الكريم ادخاره =واعرض عن شتم اللئيم تكرماً ([5])

فهذا كله ينتصب لأنه مفعول له، كأنه قيل له: لم فعلت كذا وكذا؟ فقال: لكذا وكذا، ولكنه لما طرح اللام عمل فيه ما قبله.

وشاهد سيبويه في نصب " أدخاره " و " تكرماً " على المفعول لأجله، والتقدير: لادخاره، وللتكرم، فحذف حرف الجر ووصل الفعل فنصب ([6]).

أما الفراء، فيرى أن المفعول لأجله منصوب بالفعل الذي قبله، سواء كان الفعل لازماً أو متعدياً، لأن الفعل يحتاج إليه كاحتياجه إلى الظرف، فكما حذف حرف الجر، يحذف ههنا، وينتصب بالفعل اللازم، كما تنتصب الأحوال نحو: ذهب زيد ماشياً، أو قام زيد خطيباً.

ولست أستحب ما ذهب إليه بعضهم أن الفراء لا يعترف بالمفعول لأجله، ويجعله في مصاف المنصوبات على نزع الخافض، ذلك أن الفراء صرح بأن المفعول لأجله ليس منصوباً بنزع الخافض، وإنما بالفعل الذي قبله، قال ([7]): عند قوله تعالى:) يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت (([8])، ألا ترى أن " من " تحس في الحذر، فإذا ألقيت انتصب بالفعل لا بإلقاء " من " كقول الشاعر:

واغفر عوراء الكريم اصطناعه=واعرض عن ذات اللئيم تكرماً

وهذا نص في محل الخلاف.

وهو بهذا يتفق وسيبويه في أن المفعول له منصوب بالفعل المتقدم، بيد أن الفراء يجعله قريباً من الظرف.

أما علة النصب عند سيبويه، فهي كونه مفسراً لما قبله كالتمييز، فهو على كقولك: لم ضربت ابنك؟ فتقول: تأديباً.

أما رواية البيت، فقد اختلف فيها الرجلان في موضعين:

الأول: " ادخاره " عند سيبويه، ويقابلها " اصطناعه " عند الفراء.

الثاني: " شتم اللئيم " عند سيبويه، يقابلها: "ذات اللئيم " عند الفراء.

ورواية سيبويه هي المشهورة في كتب النحو، وبها اعتد صاحب الديوان.

أما نسبة البيت فقد نسبه سيبويه إلى حاتم الطائي، ولم ينسبه الفراء لأحد.

..............................

([1]) شرح ابن عقيل: 1/ 574.

([2]) ينظر شرح الكافية للرضى: 1/ 193، وابن يعيش: 2/ 54، والهمع: 1/ 194، والخزانة: 3/ 114.

([3]) شرح ابن عقيل: 1/ 575.

([4]) الكتاب: 1/ 367 – 368.

([5]) من الطويل لحاتم الطائي في ديوانه ص: 224، والخزانة: 3/ 122، وشرح المفصل: 2/ 54، واللسان (عور)، والهمع ص: 141، وبلا نسبة في أسرار العربية ص: 187، وشرح ابن عقيل: 1/ 578، والمقتضب: 2/ 348.

([6]) الشنتمري ص: 227.

([7]) معاني القرآن: 2/ 5.

([8]) سورة البقرة: آية: 19.

ـ[محمد سعد]ــــــــ[04 - 04 - 2008, 06:18 م]ـ

جواز تعدد خبر المبتدأ

قال سيبويه ([1]) " هذا باب ما يجوز فيه الرفع مما ينتصب في المعرفة، وذلك قولك: هذا عبد الله منطلق، حدثنا بذلك يونس وأبو الخطاب، عمن يوثق من العرب، وزعم الخليل – رحمه الله – أن رفعه يكون على وجهين:

فوجه: أنك حين قلت هذا عبد الله، أضمرت هذا أو هو، كأنك قلت هذا منطلق أو هو منطلق .. والوجه الآخر: أن تجعلها جميعاً خبراً لهذا .. قال: سمعنا ممن يروي هذا الشعر من العرب يرفعه:

من يك ذا بت فهذا بني

مقيظ مصيف مشتى ([2])

والشاهد في البيت رفع " مقيظ " وما بعده على الخبر بعد الخبر، كما تقول: هذا زيد منطلق، ويجوز رفعه على البدل أيضاً أو على مبتدأ مضمر ([3]).

وقال الفراء ([4]) " قوله: " وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم" ([5]) ذلكم في موضع رفع بالظن وجعلت " أرداكم " في موضع نصب، كأنك قلت: ذلكم ظنكم مُرْدياً لكم .. ، وفي قراءة عبد الله:) أ ألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخ (([6]) وفي ق:) هذا ما لدي عتيد (([7]).

كل هذا على الاستئناف، ولو نويت الأصل كان نصباً، قال: وأنشدني بعضهم:

من يك ذابت فهذا بني

مقيِّظٌ مصيِّفٌ مشتِّى

جمعته من نعجات ست.

والواقع أنه لا رأي صريح ينسب إلى سيبويه، وما ذكره سيبويه هو حكاية عن شيخه الخليل، لكن عدم تعقيبه على إعرابات شيخه يدل على موافقته، وبهذا يكون الفراء متفقاً مع ما حكاه سيبويه عن الخليل في موطن الشاهد، وهما متفقان في ان الأصل في المرفوع النصب على الحال.

كما اتفق الرجلان في رواية البيت، ولم ينسب البيت لأحد الشعراء عند أي منهما.


([1]) الكتاب: 2/ 83.

([2]) من الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص: 189، والدرر: 2/ 33، والمقاصد النحوية: 1/ 561، وبلا نسبة في الإنصاف: 2/ 725، وشرح الأشموني: 1/ 206، وشرح ابن عقيل ص: 132، وشرح المفصل: 1/ 99، والهمع: 1/ 108، 2/ 67.

([3]) الشنتمري: 272.

([4]) معاني القرآن: 3/ 16.

([5]) سورة السجدة: آية: 23.

([6]) سورة هود: آية: 72.

([7]) سورة ق: آية: 23.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير