ويحرك بالفتح إذا كان المضارع المجزوم مشددا فنقول لم يشدَّ والأصل لم يشدْدْ فتوالى ساكنان فحرك الثاني بالفتح، والفتحة لخفتها، أو بالكسرة لأنها الأصل، وإذا كانت عين الفعل مضمومة جاز التحريك بالضم أو الكسر إتباعاً للعين فنقول: لم يَعُدَّ، لم يَعُدِّ، لم يَعُدُّ.
ويتخلص من السكون في مثل (كانتْ) إذا أضيف لها ألف كما في (كانتا) و (خانتاهما) فإن تاء التأنيث حرف مبني على السكون فدخلت عليها ألف التثنية وهي ساكنة ففتحت التاء للتخلص من التقاء الساكنين ولا يكون قبل الألف من الحركات إلا الفتح.
وكذلك مثل (ذالكما – تلكما) مما دخل فيه ألف التثنية على ميم الجمع الساكنة فتحركت الميم بالفتح تخلصاً من الساكنين. وكذلك كل فعل أمر مبني على السكون (آخره حرف صحيح) دخلت عليه ألف التثنية كما في (انطلقْ) – (اركبْ)، فصارا: (انطلقَا) – (اركبَا).
ويحرك بالفتح أيضاً نون (مِنْ) الجارة فالأصل في نون (من) الجارة أن تكون ساكنة إذا وليها متحرك كما في (منْ قبلك) أما إذا وليها (أل) التعريف فتحرك بالفتح كما في قوله ومِنَ الناس من يقول [البقرة: 8].
ويحرك بالضم ميم الجمع الساكنة: وهي ميم زائدة عن بنية الكلمة الدالة على جمع المذكر حقيقة أو مجازا، ولا يكون الساكن بعد ميم الجمع في القرآن إلا همزة وصل فإذا وليها متحرك تبقى ساكنة كما في قوله تعالى: سواء عليهمْ أأنذرتهمْ أمْ لمْ تنذرهمْ لا يؤمنون [البقرة: 6].
وإذا وليها ساكن كما في قوله تعالى: فأخذتكمُ الصاعقة [البقرة: 55]، أنفسكمُ اسْتكبرتم [البقرة: 78]، وتقطعت بهمُ الأسباب [البقرة: 166].
ويحرك بالضم واو الجماعة كما في وعصَوُا الرسول [النساء: 43] فتمنوُا الموت [البقرة: 94]؛ للتخلص من التقاء الساكنين، ولو وليها متحرك لبقيت ساكنة مثل: واخشَوْا يوما [لقمان: 33]، لبَغَوْا في الأرض [الشورى: 27]؛ لانتفاء السبب.
5 - النبرة:
النبر عند العرب ارتفاع الصوت يقال نبر الرجل نبرة إذا تكلم بكلمة فيها علو وأنشدوا:
إني لأسمع نبرة من قولها فأكاد أن يغشى علي سرورا
والنبر صيحة الفزع، ونبرة المغني رفع صوته عن خفض، ونبر الغلام ترعرع، والنبرة وسط النقرة، وكل شيء ارتفع من شيء نبرة لانتباره [4]. ويقصد بالنبرة قرع الحرف حتى يظهر صوته دون غيره، والنبرة علامة لحذف الحرف المعتل إذا وليه ساكن وكان هذا المحذوف يخل بتركيب الجملة أو يحصل التباس بينه وبين غيره؛ فتقول للمفرد (كتب الواجب) ولا يفرق بينه وبين المثنى (كتبا الواجب) باللفظ إلا إذا نبرت اللام في الواجب للدلالة على حذف ألف كتبا.
ومثله: وقالا الحمد [النمل: 15] تحذف ألف التثنية في (قالا) حال الوصل للساكنين وينبر باللام من (الحمد) للدلالة على حذف الألف الأصلية لا الفتحة حتى لا يلتبس (قالَ الحمد) و (قالا الحمد).
6 - المد:
المد هو إطالة الصوت بحرف من حروف المد الثلاثة عند ملاقاة همز أو سكون كما قال علماء التجويد، فالسكون ظاهر العلة، وأما الهمز فربما لأنه من أقوى الحروف فعند لفظه كأننا نلفظ حرفاً مضعفا أي حرفين ساكنا ومتحركا أو مقلقلا فأخذ حكم المد للتخلص من التقاء الساكنين، كما في (الملائكة)، (بما أنزل) … .. إلخ "ووجه المد هو أن حرف المد ضعيف والهمز قوي فزيد في المد تقوية للضعيف عند مجاراة القوي. وقيل للتمكن من النطق بالهمز لأنه مهجور" [5]
والمتمعن في هذا التعريف يرى أن سبب المد هو التخلص من التقاء الساكنين فالهمزة عند لفظها وسطا وآخرا تتكون من صوتين الصوت الأول ساكن والثاني متحرك يخرج من أقصى الحلق، متميزا بنبرته عن باقي الحروف. فالمد يقوم مقام الحركة وذلك أن الحرف يزيد صوتا بحركاته كما يزيد الألف بإشباع مده.
أما المد الذي يليه سكون أصلي فيكون لازم المد ويكون بعد تضعيف وهو الأكثر كما في (الضالَّين) و (الحاقَّة) و (دابَّة) وهو ما سماه علماء التجويد كلميا مثقلا وأما الكلمي المخفف فملحق به لأنه قليل ويخلو من التضعيف ومواطنه قليلة وهي (ءالآن) في موضعين بسورة يونس. ويلحق به المد الحرفي أيضا بنوعيه المخفف والمثقل كما في (ألمـ).
7 - المد العارض للسكون:
عرَّف علماء التجويد المد العارض للسكون بأنه مد لأجل السكون العارض إذا سبقه حرف مد، فالمد زيادة في صوت حرف المد بمقدار أربع حركات أو خمس أو ستٍ، وعند المد يتم التخلص من توالي الساكنين وهما حرف المد والساكن الذي يليه لفظا، وكل مد ساكن، ولكن إذا مد فإنه يشبه المتحرك كما في الرحيمْ الدين ويلحق به مد اللين كما في (الصيف) و (خوف) وكل مثنى مجرور أو منصوب عينين النجدين …… إلخ.
وهكذا نجد أنَّ العرب تتخلص من التقاء الساكنين إما بالحذف أو تحريك أحد الصحيحين أو بالمد أو بالنبرة وذلك لأن توالي الساكنين ولا سيما في وسط الكلمة ضعف في اللغة وبما أن العربية من أقوى وأجمل اللغات فإنها تنساب من متحرك إلى متحرك أو من متحرك إلى ساكن ثم تنطلق إلى متحرك وهذه الحركة المتناغمة تضفي عليها رونقا لا يشعر به إلا أصحاب الذوق السليم.
حواشي
[1] السيوطي، الأشباه والنظائر في النحو، تحقيق عبد الإله نبهان مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1985 ج1/ص172.
[2] عاصم البيطار، النحو والصرف، جامعة دمشق 1988م.
[3] السيوطي، الأشباه والنظائر في النحو، تحقيق عبد الإله نبهان مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1985 ج1/ص2.
[4] لسان العرب ج5/ص189.
[5] البرهان في تجويد القرآن، محمد صادق القمحاوي.
¥