[مشاركة]
ـ[طارق الزيادات]ــــــــ[20 - 04 - 2009, 12:49 م]ـ
الشواهد في كتاب نظم الفرائد: -
نالت اللغة العربية مكانة رفيعة لدى العرب جميعاً مذ كانت , وزادت مكانتها بعد نزول القرآن الكريم بها، فاتجه المسلمون الى حفظها؛ خدمه للقران الكريم الذي لولاه ما كان للنحو العربي هذا الشأن ومع ظهور اللحن وتفشيه اخذ المسلمون يفكرون بايجاد وسيله تحفظ لهم لغتهم وقرآَنهم فرأوا ان يضعوا قواعد تظبط الكلمات وتقيم اعوجاج الألسن؛ خدمة للقران الكريم , وخوفاً من وصول اللحن اليه , فعملوا على جمع اللغه من أفواه العرب الخلص الاقحاح ووضعوا القواعد واستنبطوا الأحكام بناء على ما جمعوه من شعر ونثر.
تؤلف الشواهد جانباً مهماً من النحو، حيث إنها موضع استنباط القواعد ,اذ كان الشاهد حجة النحوي في اثبات صحة القاعدة النحوية وتقريرها أو تجويز ما جاء مخالفاً القياس، أو الرد على المخالف و تفنيد رأية و أظهار ضعف مذهبة النحوي، أو عدم جوازة ... الخ و لهذا , فإن دراستها و كيفية استشهاد النحويين بها تبين الأسس التي أرتكز عليها النحويون.
إن كتاب " نظم الفرائد" للمهلبي مملوء بالشواهد النحوية من القران الكريم و الشعر و كلام العرب, مقارنة مع حجم الكتاب مما يدل على ان المهلبي كان كسلفة ذا خبرة واسعة بكلام العرب، و أطلاع كامل على شواهد النحو. و لقد كانت نظرات النحاة القدامى تختلف ازاء هذه الشواهد، فالبصريون تشددوا في قبولها؛ لأن الشواهد عندهم محصورة في قبائل معينة و في زمن محدد و في حين أن الكوفيين أخذوا من كل قبيلة، و أستشهدوا بكلام كل عربي , و قبلوا كل ما ورد من العرب، ولو كان الوارد صدر بيت أو عجزة، ونجد أن نظرة الكوفيين نحو الشواهد النحوية أكثر عمقاً , و أعظم فائدة للغة و تطورها و نموها.
لقد كان الهاجس الذي سيطر على النحاة عند وضعهم للأحكام اللغوية هو الشعر العربي؛ إذ انه مثل معظم الشواهد التي أحتجوا بها، حتى أصبحت لفظة الشواهد تقترن في الأذهان بالشواهد الشعرية، فهي أول ما يتبادر الى الأذهان دون سواها، بل أن الشواهد الأخرى لا يلتفت اليها عند ذكر هذه الكلمة.
شواهد المهلبي:
اولاً: القرآن الكريم: لقد اعتمد النحاة على الشعر في تقعيد اللغة اعتمادا كليا و هذا ما يبدو واضحاً في أي كتاب نحوي بدءاً من كتاب سيبويه، و حتى العصور المتأخرة فإذا رجعنا الى "الكتاب" ــ و هو أول أثر نحوي وصل الينا ـــ نجد أن سيبوية (180 هـ) قد اعتمد فيه
اعتمادا كبيرا على الشواهد الشعرية ثم جاءت بعدها الشواهد الأخرى، و في مقدمتها القران الكريم إذ استشهد بـ (1050) (1). شاهداً شعرياُ و (397) أية كريمة من القرآن الكريم (بإسقاط الشواهد المكررة).إن نسبة استشهاد سيبويه بالقرآن الكريم، و التي تساوي حوالي (38 %) من الشواهد الشعرية قليلة إذا ما قيست بالشواهد الشعرية، هذا ما كان الاستشهاد عليه بالقرآن الكريم عند سيبويه، ثم بدأ يتطور قليلاً، فأخذ يزداد شيئا فشيئاً عند النحاة الذين جاءوا بعده، إذ نجد أن نسبة الشواهد القرآنية عند المبرد (285 هـ) اقتربت كثيرا من الشواهد الشعرية؛ فشواهده الشعرية في "المقتضب" (731) شاهداً، و شواهده القرآنية (615) آية قرآنية؛ و معنى هذا أن نسبة شواهده القرآنية (85 %) من الشواهد الشعرية، و كذلك اقتربت نسبة الشواهد القرآنية عند الزجاجي (340 هـ) من الشواهد الشعرية في "كتاب الجمل "، اذ بلغت الأولى (126) آية، مقابل (158) شاهداً شعريا؛ وهذا يعني أن نسبة شواهده القرآنية تساوي (80%) من الشواهد الشعرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال الجرمي نظرت في كتاب سيبويه فإذا فيه الف وخمسون بيتا. الخزانة1/ 17.
¥