تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و"اثنتي عشرة" مبنيٌّ كسائر الأعداد المركَّبة، غاية ما في الأمر أنَّه وضع للرَّفع "اثنا عشر" و"اثنتا عشرة"، وللنَّصب والجر "اثني عشر" و"اثنتي عشرة" [66].

وفي ياء "ثماني عشرة" أربعة أوجه: فتح الياء (ثمانيَ عشرة)، وهو الوَجهُ، كما يُفتح صدر غيره من الأعداد المركَّبة، يليه تسكينها (ثمانيْ عشرة)، ثم حذفها مع كسرة النون (ثمانِ عشرة)، ومع فتحها (ثمانَ عشرة) [67].

وحكى سيبويه عن بعض العرب إعرابَ عَجُز العدد المركَّب إذا أُضيف، مع بناء الصَّدر على الفتح، فقال: "ومِن العرب مَن يقول: خمسةَ عشرُك، وهي لغةٌ رديئة" [68].

وأجاز الكوفيون إضافةَ صدر العدد المركَّب مُعربًا إلى عَجُزه، واستحسنوا ذلك إذا أُضيف، فقالوا: هذه خمسةُ عشرٍ، وخمسةُ عشرِك [69]، وعزا ابن مالك هذا إلى الفرَّاء، فقال: "وأجاز الفرَّاء إضافةَ صدر العدد المركَّب إلى عَجُزه مزالاً بناؤهما، وأنشد:

كُلِّفَ مِنْ عَنَائِهِ وَشِقْوَتِهْ بِنْتَ ثَمَانِي عَشْرَةٍ مِنْ حِجَّتِهْ [70]

ولم يَرَ ذلك مخصوصًا بالشَّعر، بل أجازه في النَّثر والنَّظم [71].

والذي وقفتُ عليه في "معاني القرآن" للفراء أنَّه أجاز إضافةَ النَّيِّف إلى العقد إذا أُضيف العقد، أمَّا إذا لم يُضف فإضافة النَّيِّف إليه إنَّما تكون في الشِّعر، وهذه عبارته: "وإذا أضفتَ الخمسة العشر إلى نفسك رفعتَ الخمسة، فتقول: ما فعلتْ خمسةُ عَشْري؟ ورأيتُ خمسةَ عَشْري، ومررتُ بخمسةِ عشري ... ولو نويتَ بخمسة عشر أن تُضيف الخمسة إلى عشر في شعر لجاز، فقلت ما رأيت خمسة عشرٍ قطُّ خيرًا منها وأنشد الرجز:

كُلِّفَ مِنْ عَنَائِهِ وَشِقْوَتِهْ ...... [72].

2 - الظُّروف والأحوال المركَّبة فيها وجهان [73]:

أ - البناء على فتح الجزأين كالعدد المركَّب؛ لتضمُّنها معنى الحرف، ما لم يكن آخرها ألفًا كـ"بادي بدا" و"أيدي سبا"، فالبناء على السُّكون، وكذلك ياءُ صَدْرِها ساكنةٌ.

وفي "بادي بدا" لغات سبق ذكرها [74]؛ وهي مبنية في لُغتَيْن، منها: هما "بادي بدا" و"بادي بَدِي"، ومعربةٌ إعرابَ المتضايفين في الباقي [75].

ب - الإضافة، فيُجَرُّ آخرها بالإضافة، ويخضع الصَّدر لعوامل الإعراب، ما لم يكن آخِرُه ياءً فيسكن [76]، تقول - على لغة البناء -: أتيته صباحَ مساءَ، وهو جاري بيتَ بيتَ، وتفرَّقوا أيادِي سبا، وعلى اللُّغة الثانية: أتيتُه صباحَ مساءٍ، وهو جاري بيتَ بيتٍ.

وذكر سيبويه - رحمه الله - أنَّه لم يُسمعْ من العرب في "بادي بدا" سوى البناء، ولكنَّه أجاز فيه الإضافةَ قياسًا على غيره من مثيلاته [77].

وأوجب الرضي [78] البناء في "شَغَرَ بَغَرَ"، و"شَذَرَ مَذَرَ"، و"خِذَعَ مِذَعَ"، و"أَخْوَلَ أَخْوَلَ قال: "وكلُّها بمعنى: منتشرين"، و"حَيْثَ بَيْثَ"، و"بَيْنَ بَيْنَ"؛ لأنَّ الإضافة فيها لم تُسمع كما سُمعت في غيرها.

ويقدح فيه أنَّ سيبويه لم يذكر مِمَّا لم يُسمع فيه الإضافة من هذه المركَّبات سوى "بادي بدا" - كما مرَّ آنفًا - ومع هذا أجاز فيه الإضافة قياسًا.

وإذا عُوملت هذه المركَّباتُ معاملةَ المتضايفين، فأضيف الصَّدر إلى العَجُز، فإنَّها لا تُلازم الظَّرفيَّة والحاليَّة، بل قد تقع ظرفًا أو حالاً، وقد تقع غير ذلك كما في قول الفرزدق:

وَلَوْلاَ يَوْمُ يَوْمٍ مَا أَرَدْنَا جَزَاءَكَ وَالْقُرُوضُ لَهَا جَزَاءُ [79]

لَمَّا لم يُرِدْ بالمركَّب الظرفيةَ، أعربَه ورفعه بالابتداء، بخلاف ما إذا كانت مركَّبةً مبنية، فإنَّها لا تخرج عن الظرفية أو الحالية.

2 - أسماء الأفعال المركَّبة مبنيةٌ جميعُها، سواء أكانت مركَّبةً مِن جار ومجرور، أمْ من غيرهما، وهذا - أعني: البناء - حُكمُ جميع أسماء الأفعال؛ بسيطِها ومركَّبِها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير