ـ[القعيب]ــــــــ[27 - 05 - 2009, 07:37 ص]ـ
شكرأ لأخينا القعيب على طرح هذه الموضوع هنا، على الرغم من كثرة تداوله،
إن القول بخطر اللسانيات (علم اللغة الحديث) على الدرس النحوي التقليدي مرهون ومتوقف على تعاطي الباحث، وكيفية استخدامه لأدوات هذه المناهج الحديثة.
والعلوم تكمّل بعضها ولا تنسف بعضها بعضاً.
(اكتفى بهذا على أمل العودة إن شاء الله).
أهلا بالعتيبي ابن عمي
رأيك يحمل من الوجاهة الشيء الكثير إذ فصلت بين العلم ومستخدميه فدراسة باحث ما لاتعكس بالضرورة العلم الذي ينتمي إليه ولايحسن بنا أن نرمي العلم وأهله في سلة واحدة.
ـ[فهد أبو درّة]ــــــــ[28 - 05 - 2009, 12:48 ص]ـ
أخي القعيب هو يقصد النحو و النحاة و قد أحلت إلى كتابه مراجعات لسانية الجزء الثاني
و هاك النص الذي كتبه
المصدر مراجعات لسانية للدكتور، حمزة المزيني، الجزء الثاني، من موقع الدكتور حمزة المزيني.
موت النحو
أصدر الأستاذ الدكتور عبد الله الغذامي شهادتَيْ وفاة تشهد الأولى بموت المؤلف وتشهد الثانية بموت النقد الأدبي. وكانا (رحمهما الله تعالى) قبل ذلك مواطنين صالحين في مدينة الثقافة، بل كانا ملء السمع والبصر. ولما كان الدكتور الغذامي ليس معنيا، وليس مطالبا، بإصدار شهادات وفاة لكل من هب ودب، فإنني أجد نفسي معنيا بالشهادة على وفاة النحو.
(ويجب أن أبين منذ البدء أن المقصود بالنحو هنا النحوُ المعياري على الصورة السائدة منه الآن؛ فلا يدخل النحو في صورته المبكرة التي يمثلها كتاب سيبويه فيما أقوله هنا).
ومن الغريب ألا يتقدم أحد للشهادة على موت النحو مع أنه مات قبل ما يزيد عن ألف سنة، وهي فترة كافية لوصول أخبار موته إلى أرجاء الدنيا كلها. وبما أنه مات منذ مئات السنين فإن الشهادة بموته ضرورية حتى يستطيع الناس التعامل معه بشكل واضح. أما حاله الحاضرة التي يتراءى فيها للناس حيا وهو ليس بحي فحال غير طبيعية وهو أمر يوقع في شرك الخداع. وهي حال تخالف الحالات التي يتعامل الناس بها مع الأشياء الأخرى؛ إذ يتعاملون مع تلك الأشياء على أساس أنها إما حية فترجى وإما ميتة فتنعى.
ولعل متسائلا يتساءل: لماذا لم يشهد أحد بموت النحو بشكل صريح وعلني من قبل؟ والواقع أن عدم صدور شهادة صريحة بوفاته إنما تدل على أن المشتغلين به استطاعوا الإبقاء عليه إلى الآن من غير أن يوارى المثوى الأخير اللائق به، واستطاعوا بذلك إيهام أنفسهم وإيهام الناس بأنه ما يزال حيا.
وأتوقع أن يهب القراء جميعا ليسألوا: ما الأدلة على موت النحو؟
والأدلة على موته كثيرة جدا؛ ويمكن أن نرى بعضا منها فيما يلي:
1ـ وقْف الاحتجاج للغة والنحو، وهو الذي قَطَع الصلة بين النحو بصفته جملة من القوانين التي تضبط اللغة وبين اللغة التي يستمد حياته منها.
2ـ القول الشائع الذي يقضي بأن من أراد أن يؤلف شيئا في النحو بعد سيبويه فليستحي. وهو ما يعني توقف البحث الجدي في النحو عند سيبويه.
3ـ القول الشائع الآخر الذي يقضي بأن النحو طبخ حتى احترق؛ وهو ما يشير إلى القناعة بأنه لا يمكن أن يقال فيه غير ما قيل.
4ـ أن بعض النحويين كان ينظر إليه على أنه ميت: وأقرب هؤلاء إبراهيم مصطفى الذي ألف كتابا أسماه: "إحياء النحو". ولا يمكن أن يقول أحد بإحياء الأحياء.
5ـ وقد رأى بعض المهتمين به أنه بحاجة إلى تجديد؛ ومن هؤلاء الدكتور شوقي ضيف في كتابه "تجديد النحو". ولا يمكن أن يخضع للتجديد إلا الشيء البالي.
6ـ أن أكثر الذين يكتبون في النحو، وبالأخص الآن، لا ينتجون جديدا البتة؛ إذ يقصر معظم المعاصرين اهتمامهم على تحقيق المخطوطات، وكثيرا ما يهربون من الصعب منها، ويكاد ينحصر اشتغالهم، فيما عدا ذلك، في مناقشة آراء النحويين السابقين عن بعض المسائل الجانبية غالبا، وكذلك تكرار الأبحاث.
بل إن الحجة التي يتعلل بها هؤلاء حين يواجهون بعقم البحث في النحو أن يقولوا: إنه ليس هناك من جديد يضاف.
والمشاهد في الجامعات العربية أن معظم أبحاث الماجستير والدكتوراة أصبح يقتصر الآن على البحث في آراء بعض النحويين القدماء في بعض الكتب. وهو أوضح دليل على الفقر المعرفي.
فالقول بموت النحو إذن ليس أمرا غريبا، بل لا يعدو أن يكون من باب تسمية الأشياء بأسمائها.
¥