[سؤال عن قول أبو شامة]
ـ[محمد الغزالي]ــــــــ[14 - 10 - 2010, 05:10 م]ـ
السلام عليكم:
جاء في الدر المصون:
قرأ ابن ذكوان عن ابن عامر: (أَرْجِئْهِ وأخاه) بهمزة ساكنة وهاء مكسورة مِنْ غير صلة في (أَرْجِئْهِ)
وقد طَعَنَ قومٌ على قراءة ابن ذكوان فقال الفارسيُّ: "ضمُّ الهاءِ مع الهمز لا يجوزُ غيرُه، وروايةُ ابن ذكوان عن ابن عامر غلطٌ". وقال ابن مجاهد: "وهذا لا يجوز، لأن الهاءَ لا تُكسَرُ إلا بعد كسرةٍ أو ياءٍ ساكنة". وقال الحوفي: "ومن القرَّاء مَنْ يكسر مع الهمز وليس بجيد". وقال أبو البقاء: "ويُقْرأ بكسر الهاء مع الهمزِ وهو ضعيفٌ، لأنَّ الهمزةَ حرفٌ صحيحٌ ساكنٌ فليس قبلَ الهاءِ ما يقتضي الكسر".
قلت: وقد اعتذر الناسُ عن هذه القراءة على سبيل التنازل بوجهين: أحدُهما: أن الهمزةَ ساكنةٌ والساكنُ حاجزٌ غيرُ حصينٍ، وله شواهدُ مذكورةٌ في موضعها، فكأنَّ الهاءَ وَلِيَت الجيمَ المكسورةَ فلذلك كُسِرت. الثاني: أن الهمزةَ كثيراً ما يَطْرأ عليها التغييرُ، وهي هنا في مَعْرِض أن تُبْدلَ ياءً ساكنة لسكونِها بعد كسرةٍ فكأنها وَلِيَتْ ياءً ساكنة فلذلك كُسِرَتْ.
وقد اعترض أبو شامةَ على هذين الجوابين بثلاثة أوجه. الأول: أن الهمزَ معتدٌّ به حاجزاً بإجماع في {أَنبِئْهُمْ} و {نَبِّئْهُمْ}، والحكمُ واحدٌ في ضمير الجمع والمفرد فيما يرجع إلى الكسر والضم. الثاني: أنه كان يلزمُهُ صلةُ الهاء إذ هي في حكمٍ كأنها قد وَلِيت الجيم. الثالث: أن الهمزَ لو قُلِبَ ياءً لكان الوجهُ المختارُ ضمُّ الهاء مع صريح الياء نظراً إلى أنَّ أصلَها همزة، فما الظنُّ بمَنْ يكسر الهاءَ مع صريح الهمزة.
السؤال بارك الله فيكم: لماذا قال أبو شامه يلزمه صلة الهاء, لم أفهم قوله؟ وما معن ما خُط بالأحمر أثابكم المولى ..
ـ[أبوعلي2]ــــــــ[14 - 10 - 2010, 07:25 م]ـ
السلام عليكم
- أظنه يريد ب (على سبيل التنازل): (على سبيل التجوز).
- معنى قوله:"يلزمه هاء الصلة ... "أنه كان يلزم ابن ذكوان أن يشبع كسرة الهاء لأنها وليت الجيم المكسورة لأن المعتذرين لهذه القراءة عّدوا الهمزة الساكنة حاجزاًغير حصين.
- وهو يرد بقوله:"أن الهمز لو قلب ... مع صريح الهمزة."على قول المعتذرين:"إن الهمزة كثيراً مايطرأعليها التغيير ... فلذلك كسرت."فيقول: إن ما ذهبتم إليه يؤدي إلى ضم الهاء لا كسرهامع الياء لو قلبت الهمزة ياءً على حد قولكم:"وهي هنا في معرض أن تبدل ياءً ساكنة" فلنفرض أنهاقلبت ياءً وليست في معرض ذلك فقط، فإن الياء الصريحة حينئذ أصلها همزة، فالمختار ضم الهاء معها.
فكيف تجيزون-أيها المعتذرون- كسر الهاء مع الهمزة الصريحة الواردة في قراءة ابن ذكوان لأنها في معرض أن تقلب ياءً؟
ـ[علي المعشي]ــــــــ[17 - 10 - 2010, 01:57 ص]ـ
السلام عليكم
- أظنه يريد ب (على سبيل التنازل): (على سبيل التجوز).
- معنى قوله:"يلزمه هاء الصلة ... "أنه كان يلزم ابن ذكوان أن يشبع كسرة الهاء لأنها وليت الجيم المكسورة لأن المعتذرين لهذه القراءة عّدوا الهمزة الساكنة حاجزاًغير حصين.
- وهو يرد بقوله:"أن الهمز لو قلب ... مع صريح الهمزة."على قول المعتذرين:"إن الهمزة كثيراً مايطرأعليها التغيير ... فلذلك كسرت."فيقول: إن ما ذهبتم إليه يؤدي إلى ضم الهاء لا كسرهامع الياء لو قلبت الهمزة ياءً على حد قولكم:"وهي هنا في معرض أن تبدل ياءً ساكنة" فلنفرض أنهاقلبت ياءً وليست في معرض ذلك فقط، فإن الياء الصريحة حينئذ أصلها همزة، فالمختار ضم الهاء معها.
فكيف تجيزون-أيها المعتذرون- كسر الهاء مع الهمزة الصريحة الواردة في قراءة ابن ذكوان لأنها في معرض أن تقلب ياءً؟
أحسنتَ التفسير أستاذنا د. أبا علي، وإني لأوافقك في تفسيرك النصَّ بغض النظر عن مواطن القوة في النص سواء فيما يتعلق بالقراءة على هذا النحو، وما يتعلق باعتراض المعترضين وما يتعلق باعتذار المعتذرين، وإن كانت حجج المعترضين أقوى كما أرى، والله أعلم.
تحياتي ومودتي.
ـ[سعيد بنعياد]ــــــــ[17 - 10 - 2010, 03:30 ص]ـ
بارك الله في الأساتذة الكرام، وجزاهم كل الخير.
زيادة في توضيح العبارة الأخيرة من كلام أبي شامة، أود نقل ما جاء في كتاب (النشر) لابن الجزري [1/ 431 - 432]، في معرض الحديث عن وقف حمزة على الكلمات المهموزة؛ إذ المعلوم أنه إذا وقف على كلمة خفف همزاتها.
يقول ابن الجزري:
(واختلف أئمتنا في تغيير حركة الهاء مع إبدال الهمزة ياءً قبلها، في قوله (أَنْبِئْهُمْ) في البقرة و (نَبِّئْهُمْ) في الحِجْر:
* فكان بعضهم يرى كسرها لأجل الياء [أقول: يعني (أَنْبِيهِمْ) و (نَبِّيهِمْ)]، كما كسر لأجلها في نحو (فِيهِم) و (يُؤْتِيهِمْ). فهذا مذهب أبي بكر بن مجاهد وأبي الطيب بن غلبون وابنه أبي الحسن ومن تبعهم.
* وكان آخرون يُقِرُّونها [أقول: في الأصل (يقرؤنها)، وأراه تصحيفا] على ضمّتها [أقول: يعني (أَنْبِيهُمْ) و (نَبِّيهُمْ)]؛ لأن الياء عارضة ولا توجد إلا في التخفيف، فلم يعتدوا بها. وهو اختيار ابن مهران ومكي والمهدوي وابن سفيان والجمهور.
وقال أبو الحسن بن غلبون: كلا الوجهين حسن. وقال صاحب التيسير: وهما صحيحان. وقال في الكافي: الضم أحسن.
قلت: والضم هو القياس. وهو الأصح. فقد رواه منصوصا محمد بن يزيد الرفاعي، صاحب سُلَيْم [أقول: سُلَيْم هو صاحب حمزة، وعنه يروي الروايان المشهوران خَلَف وخَلاّد]. وإذا كان حمزة ضمَّ هاءَ (عَلَيْهُمْ) و (إِلَيْهُمْ) و (لَدَيْهُمْ)، من أجل أن الياء قبلها مُبدلة من ألف [أقول: لأن الأصل (عَلَى) و (إلَى) و (لَدَى)]، فكأنّ الأصل فيها الضم، فضمُّ هذه أَوْلى وآصَلُ. والله أعلم) اهـ.
فيبدو أن أبا شامة قال عبارته الأخيرة قياسا على أرجحية ضم الهاء في (أَنْبِئْهُمْ) و (نَبِّئْهُمْ) عند الوقف عليهما على قراءة حمزة.
دمتم بكل خير.