اخْتُصَّتِ الواوُ مِن بينِ حُروفِ العطْفِ بأنَّها يُعْطَفُ بِها حيثُ لا يُكتفَى بالمعطوفِ ([4]) عليه، نحوُ: "اخْتَصَمَ زيدٌ وعمرٌو"،، ولو قلتَ: "اخْتَصَمَ زَيْدٌ" لم يَجُزْ، ومِثلُه: "اصْطَفَّ هذا وابني، وتَشَارَكَ زيدٌ وعمرٌو.
وجاء في أوضح المسالك:
أمَّا الوَاوُ فلِمُطلَقِ الجَمعِ ([1])؛ فتَعطِفُ مُتَأَخِّراً في الحُكْمِ, نَحوَ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ} ([2])، ومُتَقَدِّماً, نَحوَ: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} ([3])، ومُصَاحِباً, نَحوَ: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} ([4]).
وتَنفَرِدُ الوَاوُ ([5]) بأنَّهَا تَعطِفُ اسماً على اسمٍ لا يُكتَفَى بالكَلامِ بهِ, كـ (اختَصَمَ زَيدٌ وعَمرٌو) و (تَضَارَبَ زَيدٌ وعَمرٌو) و (اصطَفَّ زَيدٌ وعَمرٌو) و (جَلَسْتُ بينَ زَيدٍ وعَمرٍو)؛ إذ الاختِصَامُ والتَّضَارُبُ والاصطِفَافُ والبَينِيَّةِ مِن المَعَانِي النِّسْبِيَّةِ التي لا تَقُومُ إلا باثنَينِ فصَاعِداً, ومِن هُنا قالَ الأَصْمَعِيُّ: الصَّوَابُ أن يُقَالَ:
413 - بَينَ الدَّخُولِ وَحَوْمَلِ ([6])
بالوَاوِ؛ وحُجَّةُ الجَمَاعَةِ أنَّ التَّقْدِيرَ: بينَ أَمَاكِنِ الدَّخُولِ فأَمَاكِنِ حَوْمَلِ, فهو بمَنزِلَةِ (اختَصَمَ الزَّيْدُونَ فالعُمَرُونَ).
ومن الكتب الحديثة ما جاء في ضياء السالك للفوزان:
لواوُ، وهيَ لِمُطْلَقِ الجمْعِ والاشتراكِ في الحُكْمِ، ولا تُفِيدُ تَرْتِيباً ولا مَعِيَّةً إلاَّ بِقَرِينَةٍ.
فَتَعْطِفُ مُتَأَخِّراً في الحُكْمِ؛ كقولِهِ تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ}. والقرينةُ هيَ التاريخُ. ومُتَقَدِّماً؛ كقولِهِ تعالى: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. فقولُهُ: (مِنْ قَبْلِكَ) قرينةٌ. ومُصَاحِباً؛ كقولِهِ تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ}. والقرينةُ على ذلكَ نُصُوصٌ أُخْرَى مِن القرآنِ.
وممَّا يَدُلُّ على أنَّ الواوَ لِمُطْلَقِ الجمْعِ قولُهُ تعالى: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}. والسجودُ بعدَ الركوعِ إذا كانتْ صَلاتُهم كصَلاتِنَا. وقولُهُ تعالى: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ}، وقولُهُ: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً}، القصَّةُ واحدةٌ.
وهذا معنى قولِهِ: (فَاعْطِفْ بواوٍ سابقاً .. إلخ)؛ أي: اعطْفِ بالواوِ (سَابِقاً)؛ أيْ: مُتَقَدِّماً، (أو لاحِقَا)؛ أيْ: مُتَأَخِّراً، (في الحُكْمِ) تَنَازَعَهُ ما قبلَهُ، (أو مُصَاحِباً مُوَافِقَا): نعْتٌ لقولِهِ: (مُصَاحِباً).
مِنْ خَصَائِصِ الواوِ
544 - وَاخْصُصْ بِهَا عَطْفَ الَّذِي لا يُغْنِي = مَتْبُوعُهُ كَاصْطَفَّ هذَا وَابْنِي
للواوِ خصائصُ؛ منها:
أنَّها تَعْطِفُ اسماً على اسمٍ لا يَكْتَفِي الكلامُ بهِ، وذلكَ إذا كانَ العاملُ لا يقومُ إلاَّ بِمُتَعَدِّدٍ؛ كالمشارَكَةِ والاختصامِ والمُنَازَعَةِ ونحوِ ذلكَ مِن المعانِي النِّسْبِيَّةِ التي لا تَتَحَقَّقُ إلاَّ بنِسْبَتِها لاثْنَيْنِ فأكثرَ؛ نحوُ: تَشَارَكَ صَالِحٌ وهِشَامٌ، وتَنَازَعَ مُحَمَّدٌ وخالدٌ. وإنَّما اخْتُصَّت الواوُ بذلكَ؛ لِتَرَجُّحِ المَعِيَّةِ فِيهَا.
وهذا مَعْنَى قولِهِ: (وَاخْصُصْ بِهَا عَطْفَ الَّذِي لا يُغْنِي مَتْبُوعُهُ)؛ أي: اخْصُصْ بالواوِ مِنْ بَيْنِ حروفِ العطْفِ أنْ يُعْطَفَ بها حيثُ لا يُكْتَفَى بالمعطوفِ عليهِ في تحقيقِ معنَى العامِلِ؛ كالمثالِ الذي ذَكَرَ؛ لأنَّ الاصْطِفَافَ لا يَتحقَّقُ إلاَّ مِن اثْنَيْنِ فأَكْثَرَ.
وما جاء في معجم القواعد العربية لعبد الغني الدقر
قال: واو العَطْف:
¥