وقد حكى أيضاً أبو زيد في كتاب حيلة ومحالة (مَكانٌ مُبْقل) ومما يقوى في القياس ويضعف في الاستعمال مفعول عسى اٌسمْاً صَرِيحاً نحو قولك عسى زيد قائماً أو قياماً هذا هو القياس غير أن السماع ورد بحَظْره والاقتصار على ترك استعمال الاسم ههنا وذلك قولهم عسى زيد أن يقوم و (عَسَى اللَّةُ أنْ ياَتَيِ بالِفْتَحِْ) وقد جاء عنهم شئ من الأوّل أنشدنا أبو علي
(أكثرتَ في العَدْل مُلِحّاً دائماً ... لا تَعْذُلاً إنّي عَسِيتُ صائماً)
ومنه المثل السائر: (عسى الغُوَيْر أبؤسا)
* والثالث المطّرد في الاستعمال الشاذّ في القياس نحو قولهم (أخوْص الرِمْث) واستصوبت الأمر أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أحمد بن يحيى قال يقال: (استصْوبت الشئ) ولا يقال: (استصبت الشئ) ومنه استحوذ و (أغْيَلت المرأةُ) و (اسْتَنوَق الجملُ) و (اسْتَتْيَسَتِ الشاةُ) وقول زُهير:
(هنالك إن يُسْتَخْوَلوا المال يُخْوِلُوا ... )
ومنه (اسْتَفْيَلَ الجَمَل) قال أبو النجم:
(يدير عَيْنَيْ مُصْعَب مُسْتَفْيِل ... )
* والرابع الشاذّ في القياس والاستعمال جميعاً وهو كتتميم مفعول فيما عينه واو نحو (ثوب مَصْوُون) و (مسك مَدْوُوف) وحكى البغداديون (فرس مَقْوُود) و (رجل مَعْوُود من مرضه) وكل ذلك شاذّ في القياس والاستعمال فلا يسوع القياس عليه ولا ردّ غيره إليه ولا يحسن أيضاً استعماله فيما استعملته فيه إلا على وجه الحكاية
واعلم أن الشئ إذا اطّرد في الاستعمال وشذّ عن القياس فلا بدّ من اتباع السمع الوارد به فيه نفسه لكنه لا يُتّخذ أصلا يقاس عليه غيره ألا ترى انك إذا سمعت استحوذ واستصوب أدّيتهما بحالهما ولم تتجاوز ما ورد به السمع فيهما إلى غيره ألا تراك لا تقول في (استقام): (اسْتَقْوَم) ولا في (استساغ): (اسْتَسْوَغ) ولا في (استباع): (اسْتَبْيَع) ولا في (أعاد): (أعْود) لو لم تسمع شيئاً من ذلك قياساً على قولهم: (أخْوَص الرِّمْث)
فإن كان الشئ شاذّا في السماع مطّردا في القياس تحامَيْتَ ما تحامت العرب من ذلك وجَرَيت في نظيره على الواجب في أمثاله من ذلك امتناعك من وَذَر ووَدَع لأنهم لم يقولوهما ولا غرو عليك أن تستعمل نظيرهما نحو وَزَن ووَعَد لو لم تسمعهما فأما قول أبي الأسْوَد
(لَيْتَ شِعْرِي عن خلِيلي ما الذِي ... غاله في الُحبّ حتى ودَعَه)
فشاذّ وكذلك قراءة بعضهم (مَا وَدعَك رَبُّكَ ومَا قلَى)
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 09 - 2005, 08:38 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
الأخ الكريم الأهدل، ما نقله أخونا أبو مصعب، من اعتبار مسائل هذا العلم سماعية بالدرجة الأولى، فهو أشبه ما يكون بعلم القراءات، وبالنسبة للفقرة الثانية من مشاركتك، وهي الخاصة بلغة (أكلوني البراغيث)، فلا شك في أنها لغة غير قرشية ولكنها مع ذلك مشهور لغة طيء وأزد شنوءة، فقد يكون التركيب شاذا في لغة من لغات العرب، مشهورا في غيرها، ومن ذلك أيضا "ذو"، فهي بمعنى صاحب إذا جاء بعدها اسم جنس ظاهر، كقول المتنبي:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ******* وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
ومع ذلك فمشهور لغة طيء، أنها اسم موصول مشترك مبني على السكون، ومن ذلك قول الشاعر:
وبئر ذو حفرت وذو طويت
أي التي حفرتها وطويتها.
وقد سبق لي أن شاركت في منتدى "هيا إلى العربية" بمداخلة تتعلق بهذه المسالة، استفدتها من شرح الشيخ الدكتور حسن الحفظي، حفظه الله، وهو أحد فرسان النحو عندكم في الجزيرة العربية، حماها الله، للآجرومية، أنقلها لك لتمام الفائدة:
· في بعض لغات العرب، كطيء وأزد شنوءة، يضاف إلى الفعل حرف يدل على الفاعل، من حيث
التثنية أو الجمع، ومن ذلك:
o قوله تعالى: (وأسروا النجوى الذين ظلموا)، فيصح أن يقال في غير القرآن: وأسر النجوى الذين ظلموا، بتقديم المفعول وتأخير الفاعل، وقد خرج النحاة هذه الزيادة من 3 أوجه:
ü أولا: أن الواو حرف زائد يدل على أن الفاعل، "الذين"، جماعة، وهذا واضح بلا إشكال، لأن "الذين": اسم موصول يدل على جماعة الذكور.
ü ثانيا: أن الواو هي: واو الجماعة، وعليه تكون الواو، هي الفاعل، و"الذين": بدل من الواو.
ü ثالثا: أن جملة "وأسروا النجوى"، الفعل والفاعل والمفعول، في محل رفع خبر مقدم، و"الذين": في محل رفع مبتدأ مؤخر.
¥