وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[07 - 10 - 2006, 02:02 ص]ـ
قرأتُ قولَ اللهِ عزّ وجلّ في سورة يونس: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الآية 11]، فقلتُ في نفسي إنّ كلمة (لو) تتطلّب أنْ يليها فعل ماضٍ، فلماذا جاء الفعل بعدها ليدلّ على الاستمرارية؟
بحثتُ عن سبب ذلك في التفاسير وكتب الإعجاز البلاغي، فوجدتُ قولاً جميلاً في المسألة للشيخ محمد عبد الله دراز، في كتابه القيّم (النبأ العظيم).
قال الشيخ - رحمه الله:
- إنّ كلمة (لو) بحسب وضعها وطبيعة معناها تتطلّب أنْ يليها فعل ماضٍ. ولكن المطلوب هاهنا ليس هو نفي المضي فحسب، بل بيان أنّ هذا الفعل خلاف سنّة الله التي لن تجد لها تبديلاً. فلو أدّى المعنى على هذا الوضع لطال الكلام، ولقيل: "لو كانت سنّة الله المستمرّة في خلقه أنْ يعجّل إلخ" .. فانظر كيف اختصر الكلام في لفظ واحد بإخراج الفعل في صورة المضارع الدالّ على التكرّر والاستمرار. واكتفى بوضع (لو) قرينة على أنّ ما بعدها ماضٍ في معناه. وهكذا أدّى الغرضين جميعاً في رفق ولين.
- كان مقتضى التطابق بين الشرط والجواب أنْ يُوضَع الجواب عِدْلاً له فيُقال: "لعجّله"، ولكنّه عدل إلى ما هو أفخم وأهول، إذ بيّن أنّه لو عجّل للناس الشرّ لعجّل لهؤلاء منه نوعاً خاصّاً هم له أهل، وهو العذاب المستأصل الذي تُقضى به آجالهم.
- كان مقتضى الظاهر في تقرير النتيجة أنْ يُقال: "فنذرهم" أو "فنذر هؤلاء"، ولكنّه قال (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا) تحصيلاً لغرضين مهمّين، أحدهما التنبيه على أنّ منشأ هذا الاستعجال منهم هو عدم إيمانهم بالبعث، والثاني التنبيه على أنّ قاعدة الإمهال من الله تعالى قاعدة عامّة لهم ولأمثالهم.
قل لنا بربّك: لو ظفرتَ في كلام البشر بواحدة من هذه التصرّفات، ففي أيّ أسلوب غير أسلوب القرآن تظفر بهذه المجموعة أو بما يدانيها، في هذا القدر أو في ضعفيه من الألفاظ؟
ـ[قطرالندى]ــــــــ[09 - 10 - 2006, 02:56 م]ـ
جزاك الله خيرا ..
فلا أبلغ ولا أشمل ولا أوجز من كتاب الله ..
ـ[ماضي شبلي]ــــــــ[10 - 10 - 2006, 02:59 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 10 - 2006, 12:32 ص]ـ
بسم الله
السلام عليكم
يقول أبو السعود رحمه الله:
واختيارُ صيغةِ الاستقبال في الشرط: (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ)، وإن كان المعنى على المضيِّ لإفادة أن عدم قضاءِ الأجلِ لاستمرار عدمِ التعجيل. اهـ
وهو نفس مضمون كلام المشرف الكريم: لؤي الطيبي، فسنة الله، عز وجل، مستمرة لا تتبدل، فناسب أن تكون صيغة الشرط صيغة استقبال مضارعة تفيد التجدد والحدوث.
ثم قال:
فإن المضارعَ المنفيَّ الواقعَ موقعَ الماضي ليس بنص في إفادة انتفاءِ استمرارِ الفعل بل قد يفيد استمرارَ انتفائِه أيضاً بحسب المقامِ. اهـ
وما فهمته من هذه الفقرة أن هذا الأسلوب ليس نصا في استمرار الانتفاء في المستقبل بل يفيد الانتفاء في السمتقبل بقرينة، فهل من مزيد شرح؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[هيثم محمد]ــــــــ[12 - 10 - 2006, 01:06 ص]ـ
بارك الله فيك أستاذ لؤى
لىّ سؤال هنا؟
الحديث القدسى هو كلام منزل من الله سبحانه وتعالى فلماذا لم ينزل فى القرآن الكريم؟
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[13 - 10 - 2006, 01:17 ص]ـ
ثم قال:
فإن المضارعَ المنفيَّ الواقعَ موقعَ الماضي ليس بنص في إفادة انتفاءِ استمرارِ الفعل بل قد يفيد استمرارَ انتفائِه أيضاً بحسب المقامِ. اهـ
وما فهمته من هذه الفقرة أن هذا الأسلوب ليس نصا في استمرار الانتفاء في المستقبل بل يفيد الانتفاء في المستقبل بقرينة، فهل من مزيد شرح؟
وجزاكم الله خيرا.
الأخ الفاضل مهاجر - حفظه الله ..
أدعوك للرجوع إلى تفسير ابن عاشور - رحمه الله - فإنّ فيه جواب مسألتك إن شاء الله تعالى ..
الحديث القدسى هو كلام منزل من الله سبحانه وتعالى، فلماذا لم ينزل فى القرآن الكريم؟
الأخ الفاضل مدرس عربي ..
ذكر العلماء في بيان ذلك أسباب عديدة، أذكر أهمّها:
- القرآن الكريم كلام الله تعالى لفظاً ومعنىً. أمّا الحديث القدسي فإنّ معناه من عند الله تعالى، ولفظه من عند الرسول صلى الله عليه وسلم ..
- القرآن الكريم تحدّى الله به الإنس والجن على أن ياتوا بمثله، فهو معجزة الله الخالدة. أمّا الحديث القدسي فلم يقع به التحدّي والإعجاز.
- القرآن الكريم جميعه منقول بالتواتر، فهو قطعي الثبوت. أما الأحاديث القدسية فأكثرها أخبار آحاد، فهي ظنية الثبوت.
- القرآن الكريم مُتعبّد بتلاوته. أمّا الحديث القدسي فلا يُتعبّد بتلاوته، ولا يصدق فيه ثواب قراءة القرآن الكريم.