تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الاحتباك في القران الكريم -دراسة بلاغية- (الحلقة الاولى)]

ـ[د. عدنان الاسعد]ــــــــ[11 - 01 - 2007, 05:56 م]ـ

:

::

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى

وبعد /

اخوتي وزملائي في المنتدى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ساقوم بعون الله ومشيئة بعرض الاحتباك في اللغة والاصطلاح وماأخذه عند العلماء قديما وحديثا فنقول بعد حمد الله وشكره أنَّ هذه الدراسة تقوم على كشف الحجب عن نوعٍ نفيسٍ من أنواع الحذف في اللغة العربية الكريمة ذكره بعض العلماء والمفسرون في كتبهم دون تفصيل وتبيين.

فقامت هذه الدراسة على جمع هذه النتف القليلة التي وردت في كتب أهل البلاغة والتفسير , وفهم الآلية التي يقوم عليها هذا النوع من الحذف , ومن ثمَّ طبقنا هذه الآلية على القران الكريم , فكانت دراستنا (الإحتباك في القرآن الكريم: دراسة بلاغية) وكان اختيارنا للتطبيق في القرآن الكريم عن قصدٍ ليكتمل عقد المنفعة ببركة هذا الكتاب الكريم , وللاحاطة بأنواع هذا النوع من الحذف , حيث عُلِمَ هذا المفهوم من خلال تفسير بعض آيات القران , فهو علمٌ قراني في بداية أمره لذلك فإن اختياره في القران يزده شرفاً وتبياناً ورفعةً وسماءً.

ونبدأ بحد هذا الفن في اللغة والاصطلاح:

الإحتباك لغةً

الإحتباك من الحبك ومعناه ((الشدُّ والإحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب)) (1) , وجاء في اللسان: ((الحبك الشدُّ, واحتبك بإزاره: احتبى به وشدَّه إلى يديه, والحبكة أن ترخي من أثناء حجزتك (2) من بين يديك لتحمل فيه الشيء ما كان , وقيل الحبكة: الحجزة بعينها ومنها اخذ الإحتباك بالباء وهو شدُّ الإزار)) (3).

ومما جاء بهذا المعنى ما روي عن عائشة – رضي الله عنها – إنها كانت تحتبك تحت الدرع في الصلاة , أي تشد الإزار وتحكمه (4) , قال أبو عبيد (ت 226هـ): ((الإحتباك: شد الإزار وإحكامه , يعني أنها كانت لا تصلي إلا مؤتزرة ((…….)) ويروى في قوله تعالى ((والسماء ذات الحبك)) (الذاريات: 7) حسنها واستواؤها)) (5).

قال الجوهري (ت 398هـ): ((الحباك والحبيكة: الطريقة في الرمل ونحوه ……وحبك الثوب يحبكه – بالكسر – حبكاً أي: أجاد نسجه, قال ابن الأعرابي: كل شيءٍ أحكمته وأحسنت صنعه فقد احتبكته)) (6).

وجاء في العين ((حبكته بالسيف حبكا, وهو ضرب في اللحم دون العظم ويقال: هو محبوك العجز والمتن إذا كان فيه استواء مع ارتفاع قال الأعشى:

على كل محبوك السراة كأنه عقاب هوت من مرقب وتعلت (7)

أي ارتفعت , وهوت: انخفضت , والحباك: رباط الحضيرة بقصبات تُعَرَّض ثم تُشَدُّ كما تحبك عروش الكرم بالحبال, واحتبكت إزاري شددته)) (8).

فالإحتباك إذاً هو شَدُّ الإزار, وكل شيءٍ أحكمته وأحسنت صنعه فقد احتبكته.

الإحتباك اصطلاحاً

أما في الاصطلاح البلاغي فقد بَيَّنَ الإمام جلال الدين السيوطي الصلة بينه وبين المعنى اللغوي فقال: ((مأخذ هذه التسمية من الحبك الذي معناه الشد والأحكام وتحسين أثر الصنعة في الثوب فحبك الثوب سد ما بين خيوطه من الفرج وشده وإحكامه بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسن والرونق وبيان أخذه منه من أن مواضع الحذف من الكلام شبهت بالفرج بين الخيوط فلما أدركها الناقد البصير بصوغه الماهر في نظمه وحوكه فوضع المحذوف مواضعه كان حابكا له مانعا من خلل يطرقه فسد بتقديره ما يحصل به الخلل مع ما أكسبه من الحسن والرونق)) (9).

فعند سماع لفظ (احتباك) لأول وهلة يتراءى للذهن تلك الصورة من تداخل خيوط نسج الثوب أو قطع القصب مع بعضها وتفاوتها عن بعضها, كما توحي اللفظة بتراص الخيوط مع بعضها بحيث تندثر بينها الفرج التي تبدو عند عملية النسج البدائية, من خلال سحب هذه الخيوط بأصابع اليد , فهو عملية نسج من غير ترك فروج بين الخيوط او قطع القصب او مما ينسج منه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير