[من التعبير القرآني]
ـ[قصي علي الدليمي]ــــــــ[16 - 10 - 2006, 09:23 ص]ـ
:::
قال تعالى في سورة الأنعام في الآية 99: (وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
................
وقال أيضا في الآية 141: (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)
ما الحكمة انه عبَّر بالاشتباه في الأولى وفي الثانية بالتشابه؟
(هذا السؤال ورد لي واجبتُ عنه والحمد لله ارجو ان تقيموا الموضوع لو سمحتم)
ج/ قوله (مشتبها وغير متشابه) آية 99 وفي الآية الأخرى (متشابها وغير متشابه) آية 141 لأن أكثر ما جاء في القرآن من هاتين الكلمتين جاء بلفظ التشابه نحو قوله تعالى - في سورة البقرة - (وأتوا به متشابها) آية 25 (إن البقر تشابه علينا) آية 70 (تشابهت قلوبهم) آية 118 (وأخر متشابهات) آية 7 آل عمران. فجاء قوله مشتبها وغير متشابه في الآية الأولى و متشابها وغير متشابه في الآية الأخرى على تلك القاعدة ثم كان لقوله تشابه معنيان أحدهما التبس والثاني تساوى وما في البقرة معناه التبس فحسب فبين بقوله متشابها ومعناه ملتبسا لأن ما بعده من باب التساوي والله أعلم جـ1/ 73: أسرار التكرار في القرآن المؤلف: محمود بن حمزة بن نصر الكرماني -
الناشر: دار الاعتصام – القاهرة- الطبعة الثانية، 1396
تح: عبد القادر احمد عطا
(جنات من أعناب أي مع النخل مشتبها وغير متشابه يقال اشتبه الشيئان وتشابها نحو استويا وتساويا والافتعال والتفاعل يشتركان كثيرا أو تقديره والزيتون متشابها وغير متشابه والرمان كذلك يعنى بعضه متشابه وبعضه غير متشابه في القدر واللون والطعم) تفسير النسفي 1/ 337
و قوله تعالى (مشتبها) لأنَّ الآية تتحدث عن الماء الذي قال عنه الله جلَّ جلاله {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} الأنبياء أية 30.
(فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ) ثم بدأ بالعام وهو (فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا) ثم بدأ نحو الخاص (نُّخْرِجُ مِنْهُ) الأصناف الآتية - لاحظ التخصيص تدريجي – (حَبًّا مُّتَرَاكِبًا) بدا بالحب ِّ – من الأصغر نحو الأكبر-
(وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ) كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} الأنعام آية 95 من الأصغر نحو الأكبر (الْحَبِّ) ثم (وَالنَّوَى) ثم عدد الأصناف (وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ َالرُّمَّانَ) (مُشْتَبِهًا) للمفسرين آراء في ذلك يمكن الرجوع إليها أهمها (الزيتون والرمان الذي يتشابه في ورقه ويختلف في ثمره شكلا وطعمًا وطبعًا) -من التفسير الميسر- (وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (انظروا أيها الناس إلى ثمر هذا النبات إذا أثمر, وإلى نضجه وبلوغه حين يبلغ. إن في ذلكم - أيها الناس - لدلالات على كمال قدرة خالق هذه الأشياء وحكمته ورحمته لقوم يصدقون به تعالى ويعملون بشرعه.) من التفسير الميسر
فالملاحظ أن الآية الكريمة شاملة لكل أنواع النبات حب متراكب والنخل
و جنات من أعناب على كثرة أنواع الأعناب والزيتون وكثرة أنواعه والرمان وأنواعه (انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)
أراد الله التفكر منا لعظمة خلقه جل جلاله. والله اعلم
أما في الآية الثانية 141 فالآية تتحدث عن الجنات فأصناف النبات في هذه الآية اقل من أصناف النبات في الآية الأولى والآية الثانية اخص فبدأ بالعام في الآية الأولى ثم انتهى إلى الخاص في الآية الثانية. إنما بدا بالعام باعتباره آية من آيات الله حيث عقّب بقوله تعالى (لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) أما الآية الثانية فالخطاب للخصوص (المسلمين دون غيرهم لأنه طالبهم بالزكاة (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) ونهاهم عن الإسراف في الصدقة وهو كقوله تعالى {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ* وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً* وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً *} الإسراء26 - 27 - 28 - 29
ولا احد ينكر أن هذا خاص بالمسلمين دون غيرهم من الأديان. والله اعلم واجلّ
اخوكم
قصي علي عبد الله محمد الدليمي
¥