تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

["النار يعرضون عليها غدوا وعشيا"]

ـ[أبوالروس]ــــــــ[19 - 01 - 2007, 01:09 ص]ـ

" النار يعرضون عليها غدوا وعشيا" رؤية نقدية إسلامية

"النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب"0

هذه الآية الكريمة اتخذها بعض مخطئى البحث العلمى دليلا فى نفى عذاب القبر باعتبار أنّ القرآن قوة إلهية تمدهم بالمصداقية والتقبل، ولكن الخدعة تكتنف هؤلاء حيث يبثون سمومهم ولولا أن القضية قضية عقيدة لانحرف الكثيرون عن الحق الذى لا شك فيه0

فالآية تثبت عذاب القبر ولا تنفيه فإن عُقّّب على الآية وقيل هل النار المعروضة عليهم أم هم المعرضون عليها؟ وقالوا بأن معنى الآية أنهم يعرضون على النار أى نار الآخرة 000

فهنا تبدو المشكلة وهى نفيهم عذاب القبر بحجج لغوية واهية لا تثبت أمام سراج البلاغة القر آنيةالمتوهجة0

فهم قد اقتصروا على فهمهم السطحى وغفلوا عن صور وإيحاءات القرآن ,انّه ليس ألفاظا تحشد بقوة وعنف

لمجرد الإرهاب النفسى0 لا، فالقرآن يقرر حقائق كاملة فى نطاق الغيب0

فقوله " ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب " عطف وفى العطف بالواو إفادة بالتغاير فى المعنى والتشريك فى الحكم والمحمولية لآل فرعون 0

على أنّ قطرب والكوفيين يجيزون إفادة الواو التعقيب والترتيب وهذا أيضا يؤيد عذاب القبر 0

وفى العطف بالواو وصل والوصل لنكتة بلاغية دقيقة هى كمال الانقطاع مع الإيهام وإلا فلو كانت النار المقصودة نار جهنم لتحقق الفصل وهو منعدم 000ويكون حينئذ قوله " ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" تابع لما قبله بمنزلة التوكيد المعنوى فيتحقق الفصل بسبب كمال الاتصال بين الجملتين حيث تكون الجملة الثانية شارحة للأولى أويكون الفصل بسبب شبه كمال الاتصال 0000وكأن سائلا سأل "كيف يعرضون على النار؟ فتتحقق الإجابة بمعنى قوله ويوم تقوم الساعة يقال لملائكة العذاب أدخلوا آل فرعون أشد العذاب

ولمّا كان الفصل منافيا للمعنى ومغايرا للحقيقة للحقيقة التى تتحرك بها الإية الكريمة لم تأت الآية إلا بالوصل المثبت لعذاب القبر 0

ومع هذا نفتح ملفا آخر يدل على صدق القرآن الفنى وهو استخدام القرآن فعل العرض القريب من عذاب القبر ولم يستخدم أفعال الجلجلة والسياق الدال على عذاب الآخرة 0

وإذا كانت الحركات للخزى وتضخيم الأحداث تتوالى بقوة فى هذه الماده فهو لم يعبر عنها للصدق الفنى ولأنّ القرآن ليس كتاب إرهاب بل كتاب صدق وحقائق فى المقام الأول، وهذا العرض مقيد بفترتى الغدو والعشى أى فترة النهار وأول الليل000000 عذاب أليم حقا وتعالوا بنا نقتطف من أريج البلاغة القرآنية بعض أزاهيرها اليانعة فهناك صورتان واقعيتان للعذاب تتقابل مع بعضهما البعض ويكمل بعضهما الآخر وترسل لنا العبرن من تلك القصة وكأنها كاميرا تلتقط لآل فرعون فى الآخرة مشهدين من العذاب00 عذاب القبر المكنى عنه بقوله "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا" وهنا الكناية عن موصوف وعذاب الآخرة الصريح الذكر وتتكاثر الصور أيضا داخل السياق القرآنى الملمح اليه "عذاب القبر" إلى لقطتين متقابلتين للعذاب فترة الغداة وفترة العشاء 0

وهذه الصورة الكبيرة للعذاب تذييل وتعقيب على جرائم فرعون يتخللها بخفاء براعة التقسيم فقد أحصت الآية الكريمة صنوف العذاب فى الآخرة مرتبة بل وولّدت منه مشهدين من مشاهد عذاب القبر مرسلة بذك العبرة للانسانية الضائعة فى مراتع الهوى " وتلك القرى أهلكناهم لمّا ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا"

ونلمح أن الآية الكريمة تتحدث بلغة المضارع وكأن الآية تستدعى فترات الموت والقيامة أمام أعيننا لبث الخوف وأخذ العبرة من تلك القصة المؤثرة فهو ليس قصصا يتلى بل هو تذكرة لأولى الألباب وتبصرة لأولى الأبصار، ومعلوم لدينا أنه من مات قامت قيامته ونحن على مشارف الموت والموت أولى أعتاب الآخرة

وفى قوله "ويوم تقوم الساعة" مجاز عقلى وهو نسبة الشىء إلى غير سببه لعلاقة ما وهنا أسند الفعل إلى زمانه أو المفعول فيه لدى النحاة 0

وفى قوله عز شأنه "أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" مجاز بالحذف تقديره يقال للملائكة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب0

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير